قد يكون هذا هو الوقت المناسب للحديث عن إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية والتي تقود إلى «تفعيل المساءلة الإدارية لموظفي الدولة وتعزيز مبدأ المحاسبة لمسؤولي الأجهزة الحكومية وتقليل الازدواجية القائمة بين الأجهزة وفق ما ذكرته مصادر اللجنة التحضيربة للتنظيم الإداري» .. جريدة الوطن يوم أمس الأحد . وإذا قلنا ان الوقت مناسب فلأن اجهزتنا الرقابية: هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة وديوان المظالم والأجهزة السرية والهيئات التي استحدثت مؤخراً يضاف إلى ذلك أن التشريعات واللوائح الجديدة بدأت تكتمل وتأخذ شكلها الإجرائي والقانوني لذا فمن الضروري البدء في تحريك مبدأ المحاسبة لمسؤولي الأجهزة الحكومية بعد ان كان المسؤول تنتهي محاسبته بمجرد استقالته أو نقله، أو إحالته على التقاعد. هنا تعزيز لمبدأ المحاسبة في الأجهزة الخدمية التي يكثر في بعضها الاخطاء والتجاوزات والتساهل في الحقوق الإدارية وغياب الرقابة المالية والإدارية .. هذا المبدأ يجب تفعيله ليس من جانبه المالي فقط أو التسيب الإداري، بل فيما يتعلق بحقوق الموظف الذي يتم سلب حقوقه الوظيفية بتجميد ترقياته لأسباب شخصية بحتة أو تهميش دوره داخل المنشأة، وإسناد المناصب والمراكز لاشخاص ما يسمى ابناء العشيرة وابناء القرية والقرايب والاحباب حتى تحولت بعض الوظائف إلى نوع من تبادل المنافع وامتداد لروابط الدم. السرقات ليست بالأموال فقط بل بالوظائف عندما تذهب إلى غير مستحقيها ويحرم منها المستحق لمجرد ان مسؤولاً يملك وظائف فوق الطاولة وآخر تحت الطاولة، وظائف للشأن العام وأخرى للشأن الخاص .. وظائف يسمح للموظفين بالمنافسة عليها وتطرح للمنافسة العامة، وأخرى تعطى مثل الهبات لاشخاص تأهيلهم المهني والاكاديمي صلة القرابة أو جسور تبادل المنافع.. وأيضاً الدورات والترشيحات والابتعاث والتفرغ العلمي هي الأخرى تخضع للروابط والوشائج بين الموظف والمسؤول، فالبعض يغرق بالدورات الداخلية والخارجية وآخرون تنتهي حياتهم الوظيفية دون ان يحصلوا على دورة داخلية واحدة. تعزيز اجهزة الرقابة هو صيانة للمال العام وللنظام الإداري والعدالة الوظيفية وحفاظ على المشاعر العامة للعاملين في المنشآت الخدمية.. وتقليم اظافر المتجاوزين والذين يجدون هواية غريبة في قفز الحواجز وتخطي الآخرين بدون حق.. فمتى ما تمكنا من تحقيق العدالة الوظيفية فهذه بلاشك تدعم الخطط التي تتجه إلى الاستقرار الوظيفي والرضى الوظيفي والعدالة العامة. ننتظر من الأجهزة الرقابية الالتفات تجاه الوظيفة من مبدأ حماية الوظيفة العامة من بعض المسؤولين الذين لا يتحرجون من إدراجها ضمن الخدمات والعلاقات العامة التي يمتّنون من خلالها علاقاتهم الشخصية بالوجهاء وأصحاب النفوذ لنكون جميعاً حراساً لهذه الوظيفة فمتى ما أبدت الأجهزة الرقابية صلابتها لحماية الوظيفة فإننا سنتعافى من امراض عديدة تنهش بعض الأجهزة الإدارية لدينا.