لا شك في أن تقرير ديوان المراقبة العامة، الذي تسلمه خادم الحرمين الشريفين، احتوى مضامين كثيرة تنسجم مع شفافية خادم الحرمين وعتبه الواضح على الوزراء أثناء إعلان موازنة الدولة بالحديث عن «المشاريع الضائعة» وقبل ذلك عن «كارثة جدة» وتشكيل لجنة «تقصي الحقائق» لكشف تراكمات التقصير والتراخي، ولا شك بأن التقرير يمثل نقلة نوعية وصرخة للمسؤولين كافة في القطاعات الخدمية عن تدني جودة وطول وقت التنفيذ في المشاريع، إضافة إلى التقصير في ترجمة سياسة الإصلاحين المالي والإداري اللتين ينتهجهما خادم الحرمين إلى برامج عمل واقعية وملموسة، ناهيك عن التصريح بوجود تجاوزات على المال العام والمطالبة بالقضاء على الإجراءات البيروقراطية والروتينية في بعض الجهات الحكومية، إضافة إلى تحميل «المنظمة المجهولة» المعاناة من تأخر صدور مشروع النظام الجديد للديوان، وهذه شفافية صادقة يشكر عليها الديوان، إن العناية بالرقابة الإدارية ومعالجة شكاوى الموطنين لها اثر كبير في رفع المستوى الإداري والأخلاقي للأجهزة الحكومية والموظفين العموميين، وتحسين نوعية وآلية الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين. إن الحاجة إلى الإفصاح عن نتائج الرقابة الإدارية أصبح مطلباً ملحاً، كما أن فعالية وكفاءة الرقابة تعتمد على حجم وأثر وتنوع القنوات الرقابية والتنسيق في ما بينها. لكي يكون هناك تكامل للعملية الرقابية فلا بد من الإسراع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد. إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للمتابعة في تطبيق تلك الإستراتيجية. زيادة الدور الرقابي والمحاسبي لمجلس الشورى ودوره في إعداد الموازنات والمحاسبة على الأداء ومعالجة أوجه التقصير. كما لا بد من تعزيز الرقابة الذاتية «الرقابة الذاتية التلقائية، والرقابة الوقائية، والرقابة الذاتية بناء على تظلم». وتعزيز الرقابة التخصصية «سواء مالية أو إدارية أو فنية» للجهات الرقابية ذات العلاقة مع ضرورة إنشاء مجلس أعلى للرقابة أو مكافحة الفساد يضم الجهات الرقابية ذات العلاقة. تبني صيغة أو نظام لتفعيل سياسة «من أين لك هذا؟» لكل من يرشح للمناصب القيادية التنفيذية. توسيع مفهوم الرقابة على الجهاز الإداري الحكومي، إذ إن معظم الجهود الحالية تركز على جوانب الصرف المالي العام والتقيد باللوائح العامة ولم تتعد ذلك إلى الفعالية الإدارية وتحسين جوانب الضبط والجودة والتغذية العكسية المرتدة لشؤون وهموم حاجات المجتمع التنموية الملحة. إعطاء الاهتمام اللازم بشكاوى المواطنين والاستجابة لها، وذلك من خلال دراستها والتحقيق فيها ومحاولة وضع الحلول المناسبة لها. نظراً لاتساع دور الدولة وتعدد خدماتها وتعقد إجراءاتها البيروقراطية، وما واكب ذلك من استغلال للسلطة وحدوث انحرافات مالية أو إدارية وغيرها، فإنني أقترح إنشاء جهاز أو ديوان أو هيئة عامة لشكاوى المواطنين، أو ما يُسمى بالامبودزمان «OMDUBSMAN» ويسمى بحامي العدالة، بحيث يكون مسؤولاً عن إنشاء واستقبال ودرس ومتابعة شكاوى ومظالم وملاحظات المواطنين بشكل مباشر والتحقيق حول إساءة السلطة أو التأخير في تقديم الخدمات أو في جودتها وغيرها، ويكون رئيسه مرتبطاً بالملك مباشرة مع إعطائه الصلاحيات والاستقلالية كاملة وتوافر الحصانة اللازمة لأداء عمله على الوجه اللازم. إن وجود هذا الديوان سيسهم في فتح قنوات الاتصال والشكاوى المباشرة من الناس والتفاعل مع ما يعانون منه، وتوحيد المرجعية والجهود، والبت السريع في القضايا المستعجلة، وإعطاء الكثير من الشكاوى حقها من الدرس والمعالجة والاستجابة السريعة. رئيس الجمعية السعودية للإدارة