المثل السائر يقول: «صديقك من صدَقك لا من صدَّقك».. وهذا المثل غير صحيح وغير دقيق لأنه يفسد علاقتك بالناس جميعاً، بما في ذلك الأصدقاء الصدوقون والمعارف المقربون.. والأفضل من ذلك - في هذا الزمان - هو أن تستبدل المثل السابق بمثل عصري يكون شعارك ودليلك إلى التعامل مع القريب والغريب وهو «صديقك من جاملك»!. سوف تكتشف أن العمل بهذا الشعار سوف يفتح لك كل القلوب وأولها قلوب الأصحاب والأحباب! وسوف تكتشف أن أكذوبة «صديقك من صدقك لا من صدَّقك» هي توريطة» ثقيلة حاكها شخص «فاضي» في لحظة خبث لكي يفسد العلاقة بين الناس ويخرب الصداقات والبيوت أيضاً!. وإذا كنت تريد الحقيقة، فليس هناك أحلى من المجاملة! بوسعك أن تمتدح شخصاً بما ليس فيه وأنت تعلم أنه يعلم أن هذا المديح «خرطي».. ومع ذلك سوف تدهشك ابتسامة رضا عن النفس ترتسم على محياه وتنفرش «من أذنه اليمين إلى الأذن الشمال»!. سيأتي من يقول لك إن هذا نفاق اجتماعي! والإجابة هي «ومالو!» حسب تعبير إخواننا المصريين.. فأنت أسعدت إنساناً بائساً بهذا المديح حتى لو لم يكن فيه! وهناك فرق بين النفاق الاجتماعي والنفاق بالمعنى الشرعي، فليس بينهما علاقة.. والذي اخترع مصطلح «النفاق الاجتماعي» لم يحسن اختيار الكلمة المعبرة.. ربما أيضاً بخبث وسوء نية مثل الذي اخترع «صديقك من صدقك لا من صدَّقك».. فالظاهر انه بلا أصدقاء وساءه أن يكون لبعض الناس أصدقاء وعلاقات سعيدة فأطلق هذا المثل الذي تلقفته الآذان والألسن العربية بسبب الجرس الموسيقي في أمة تهتم بالمبنى قبل المعنى. فإذا كنت - ياصاحبي - تريد علاقات سعيدة مع الناس لا ينغصها منغص ولا تشوبها شائبة، عليك بالمجاملة ثم المجاملة ثم المجاملة ودعك من الأمثال التي عفا عليها الزمن!. حاول أن تكون عصرياً، وتعرف على مفاتيح قلوب الناس.. فلكل شخصية مفتاح مثلما يقول المرحوم عباس محمود العقاد. وفي اللحظة التي تكتشف ذلك المفتاح الذهبي الذي يفتح مغاليق قلوب الناس أسبغ عليهم من فيض مجاملاتك.. وستكشف أي سحر تفعله المجاملة!!. أخيراً، ومن قبيل المجاملة أيضاً، سوف أتنازل عن كل ما كتبته أعلاه إذا كان - بالمصادفة - لا يعجب قارئاً من «الدقة القديمة»، وخصوصاً إذا كان هذا القارئ حصيفاً مثلك ياصاحبي الذي تقرأ هذه الحروف الآن وتدرك أن آخر من يصدق هذا الكلام هو كاتب هذه السطور نفسه، فأنت تعلم انني مثلك من «الدقة القديمة» إياها لا أعمل بهذا الذي أنصح به ولا أمدح إلا من يستحق المديح وتخذلني دبلوماسية المجاملة حتى عندما أكون في أمس الحاجة.. ف «الطبع يغلب التطبع» مهما بلغت مرارة واقعنا المزيف!.