مفاتيح من نوع آخر! لا يساورني أدنى شك من أن كثيرا من الناس يعرفون بشكل أو بآخر المفاتيح التي نستعملها كأداة لفتح أو غلق أبواب منازلنا أو متاجرنا او سياراتنا او غيرها من الممتلكات الخاصة او العامة كنوع من الحفاظ عليها وصونها وحمايتها من أي عابث قد يصل اليها ولكن بالنسبة لهذه المفاتيح وهي على هيئتها المحسوسة أو بما يسمى بمفاتيح الشخصية فأكاد أجزم بأن هناك من بعض الناس من لا يعرف هذه المفاتيح وهي على هذا النحو وايضاحا لهذا المفهوم والذي اعتقد بمدى اهميته على المسار السلوكي يطيب لي ان اقول بهذه المناسبة بأن هذا النوع من المفاتيح ماهي في حقيقتها الا نوع من الاساليب أو الطرق المؤثرة التي متى استخدمها اي شخص تمكن بالتالي من تحقيق استجابة معينة لدى شخص آخر او بمعنى آخر جملة من المشاعر الفياضة التي يخالط بها الفرد إنسانا آخر فيدخل من خلالها الى قلبه فيستحوذ عليه ومن ثم يؤثر فيه لأجل تحقيق هدف بعينه، فالشاب زيد على سبيل المثال والذي لم يكن في مقدوره ان يحصل على سيارة من والده نظرا لرفضه هذا الطلب بإمكانه ان يحقق مثل هذا الهدف من خلال أحد اصدقاء والده الحميمين ممن يملكون مفاتيح هذا الأب كما أن الموظف عمر والذي يرفض مديره منحه اجازة خاصة بامكانه ان يستعين بأحد معارف هذا المدير ممن لهم علاقة قوية ومؤثرة بهذا المدير ما لم يكن في ذلك مخالفة نظامية او ضرر بالمصلحة العامة وهكذا. فالمفاتيح إذا كأداة ليست مقصورة على الاستخدامات الملموسة فحسب كتلك التي ذكرناها بالنسبة للأبواب وغيرها مما يحتاج الى تأمين او حماية أو درء مخاطر كالأجهزة الكهربائية او الالكترونية مثلا وانما هي ايضا تمثل طرقا محسوسة من المشاعر المؤثرة للدخول من خلالها الى قلوب الآخرين وكسب ودهم لأجل تحقيق استجابة مرغوب فيها فبعض الناس يمكن الوصول الى قلوبهم من خلال الكلمة الطيبة والصادقة التي نخاطبهم بها لتحقيق ما قد نصبو اليه. بينما هناك من الناس من يؤثر فيهم الثناء والمديح او الهدية او بعض المال الذي يقدم لهم لتحقيق مثل هذه الاستجابة التي ننشدها. في الوقت نفسه يشير بعض علماء النفس والاجتماع الى ان التعزيز الايجابي يعد احد المفاتيح المهمة للارتقاء بالسلوك الانساني نحو الافضل عدا كونه يساهم وبشكل فاعل في تغيير سلوك الفرد لأجل تحقيق هدف معين. من جهة اخرى لابد وأن ندرك سويا بأن كثيرا من اعمالنا الحياتية مبنية اصلا على مفاتيح اي مدخل عملية مسبقة لها، فالصلاة مفتاحها الطهارة والحج مفتاحه الاحرام والعلم مفتاحه السؤال والاجابة مفتاحها الدعاء والرزق مفتاحه السعي في مناكب الارض اما على على المحك السلبي لهذه المفاتيح فإن الخمر وتعاطي المخدرات وتعاطي المخدرات فيعد مفتاحا لكل شر وان الكذب يعد مفتاحا للنفاق فيما يمثل الحرص والشح مفتاحا للبخل وقطيعة الرحم وهلم جرا. قال صلى الله عليه وسلم: (إن لهذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفتاتيح فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقاً للشر وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير) وعلى هذا الأساس بإمكان أي انسان منا أن يكون مفتاحا للخير متى ساهم في قضاء حاجات من قصده في اوجه الخير وهي كثير ومتعددة في المجتمعات الإنسانية أو مغلاقا للشر متى وقف مثل هذا الشخص امام من يبغي الفساد في الأرض من التدمير والتخريب وما شابه ذلك. فلنحرص على هذه المفاتيح كحرصنا على نظائرها الملموسة وذلك بدءا من البيت من خلال الأبوين ومقدرتهما على الدخول الى قلوب ابنائهم لمعرفة ما يدور في خلجات انفسهم من افكار وتوجهات والذي لا يتم في الواقع الا بالجلوس معهم والاستماع لأحاديثهم والتحاور معهم بشفافية وثقة تامة عوضا عن الاسلوب الشيق والممتع والجذاب وهو الاسلوب الناجع الذي يمكن ان يقوم به كل معلم في مدرسته او في اي مؤسسة تعنى بأمر تربية الابناء، فلقد اوضحت كثير من الأدبيات ذات الاهتمام بهذا الجانب الى ان معرفة ما يدور في اذهان الابناء وعموم الشباب من افكار وتوجهات والتي ربما تكون حبيسة العقل يمكن اظهارها من خلال هذا الحوار الهادف والبناء وبالتالي لا غرو من ان يكون هذا الحوار مفتاحا حقيقيا لاستظهار هذه الافكار والمشاعر المكنونة وهذا في الواقع ما نحسبه مهما للغاية في هذا الاتجاه لنجعل بذلك من هذه الفئة الغالية على القلوب والوطن لبنة صالحة في المجتمع وعناصر فاعلة في كل مناحي الحياة وانشطتها المتنوعة وبالله التوفيق. عبدالفتاح احمد الريس - تبوك ********************** سد الحاجة بعيدا عن الصحافة بين وقت وآخر نقرأ على صفحات الجرائد معاناة بعض الاسر السعودية من الفقراء، والارامل، والايتام الذين يسكنون الارصفة والخيام وبيوت الصفيح او المنازل التي لا تتوفر بها ادنى مقومات الحياة الكريمة. كل هذا في بلد غني وخيراته وصلت الى اطراف الكرة الارضية. ولم تجد هذه الاسر سبيلاً الا الاستنجاد بالصحافة لنشر معاناتها بعد ان فقدت الامل في الحصول على المساعدة والعون من الجهات ذات العلاقة.. وهذا قليل من كثير فكم من الاسر الفقيرة (المتعففة) لا نعلمها الله يعلمها، وسيحاسبنا على تركنا لهم فريصة للفقر والمرض والجهل. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو.. كيف نصل الى كل اسرة محتاجة في هذا البلد ونقدم لها العون ولقمة الحياة الكريمة دون اراقة ماء وجهها على صفحات الجرائد وابواب الجمعيات الخيرية؟! ولن يأتي ذلك دون بناء قاعدة معلومات موثقة ودقيقة مبنية على بحوث واحصائيات علمية تقوم بها العديد من الجهات الحكومية والخاصة. ولعل برنامج التعداد السكاني لهذا العام يساهم في توفير معلومات صحيحة ليس فقط عن عدد السكان والمقيمين لان هذه المعلومة من المفترض انها متوفرة في انظمة الاحوال المدنية والجوازات ويمكن الحصول عليها بضغطة (زر). بل المطلوب معلومات كافية عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية لكل اسرة واين تسكن؟ وكل هذه البيانات مشمولة استمارة التعداد فالمطلوب اذاً تحليلها وتبويبها وتزويد الجهات المختصة بها للاستفادة منها في التخطيط الاستراتيجي وخدمة المواطن. وبالعودة الى الموضوع الرئيسي للمقال فإن وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهة المناط بها تفقد احوال الاسر المحتاجة وتقديم الرعاية الاجتماعية والمالية لها بعيداً عن الاجراءات والانظمة البيروقراطية التي تحول في كثير من الحالات بين المواطن وحقه في خدمات الوزارة. ولكن في المقابل لا يمكن ايضاً القاء الحمل بكامله على عاتق الحكومة ومؤسساتها. فلدينا قطاع خاص يمتلك ثروات هائلة في الداخل والخارج وعليه مسؤولية اجتماعية يجب القيام بها على اكمل وجه فان لم يبادر لابد ان يؤطر على الحق اطراً. لان من حق المجتمع الذي هو مصدر هذه الاموال ان يستفيد بجزء منها. وللانصاف فان هناك رجال اعمال يقومون بدور بناء في اعمال الخير وخدمة الوطن. وبالنسبة للجمعيات والمؤسسات الخيرية نجدها منتشرة في العديد من المدن الكبيرة والصغيرة ولديها سجلات تحتوي على اسماء عشرات الالاف من الاسر حتى يخيل اليك ان اغلب السكان يقتاتون على نفقاتها. (إلا اذا كان الاسم ليه والغبوق لساره). فالله اعلم. ولنا وقفة قادمة ان شاء الله مع اليات ومتطلبات العمل الخيري. سعود طماح الجهني - جدة