الفراغ الذي حدث بين تسليم، واستلام السلطة في اليمن، والمرحلة الانتقالية التي تأتي بإعادة التشكيل الحكومي، والإداري والعسكري، أعطت القاعدة التوسع والهيمنة على مدن وقرى، والحكومة الراهنة لا تحاسب على ما يجري، لأن القاعدة ولدت زمن النظام السابق، وهناك من اتهمها بجعلها فزاعة لأمريكا ودول عربية أخرى لاستغلال العديد من الفرص والبعض أعلن اتهاماً صريحاً أنها ولدت بتغذية ورعاية من الحكومة السابقة.. الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجه انتقاداً حاداً للحكم الراهن، والغاية التشكيك بقدرته، ومثل هذه الوصاية، حتى لو جاءت بسياق حرية رأي شخص يعتبر نفسه مواطناً، فموقعه يختلف، إذ إن مؤيديه موجودون، ولا يزال تأثيرهم قائماً، وهذا مدعاة شك من الهدف والغاية التي قصدها من وراء ذلك.. فالدولة الجديدة في مرحلة التأسيس، ولديها أحمال كبيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية، والحكم عليها بأن تدخل الاختبار الحقيقي بالتشويش عليها وزيادة الضغط بلا مبرر لا يخدم المصلحة الوطنية ولو جاءت من أي طرف.. تنامي دور القاعدة يدخل اليمن ومحيطه في اشكالات أمنية خطيرة، وأمريكا ليست خارج دائرة التداخل مع القضية، وهنا لابد من فهم مصادر تمويلها ومن يدفعها إلى العمليات الخطيرة، وهل الحوثيون على تحالف معها، بحيث تتضح معالم دول عديدة تريد أن يكون اليمن أول دولة للقاعدة، والظروف الراهنة قد تساعد على تنامي الوجود العملي لها وخاصة في الجنوب الذي لا يخفي رغبته في الانفصال، والعودة إلى دولته السابقة.. الحوار مع القاعدة ربما يكون الطريق لحل ومنع سفك الدماء، وإذا تعذر ذلك فأمريكا ستكون طرفاً مباشراً مما يعقد الأمور بما هو اسوأ خاصة واليمن يمر بحالة صعبة في مواجهة الفقر، وسهولة تمرير أي لاعب بأمنه بمغريات مادية أو عينية، والأخطر من ذلك كله أنه سوق لتهريب السلاح والاتجار به واقتنائه منذ أزمنة طويلة وحدوده الجبلية والبحرية تساعد على جلب الأسلحة من مختلف المصادر.. الجيش ربما يصل إلى توحيد صفوفه إذا تجاوز قضية انقسامه بين السلطة السابقة والراهنة، والرؤية لاتزال ضبابية إذ إن معظم القيادات التي تتولى المهمات من الأقرباء والمحسوبين على الحكومة السابقة، وعدم تدخلهم في مواجهة القاعدة يحرج عبدربه هادي على الرغم أنه جاء للحكم بتوافق ورضا كبير من الشعب، واعتباره من فصيل الحكم السابق.. الحالات القائمة في نزاع السلطة مع القاعدة أن الأخيرة بدأت تأخذ حجماً عكس المتصور عنها أنها مجرد مجاميع صغيرة تسعى للمغامرة عند أي فرصة، وقتل العشرات من الجنود العسكريين والشرطة في مقار محمياتهم، ونهب أسلحتهم مؤشر خطير جداً، ولا أحد يعلم كيف سيكون رد فعل الحكومة التي لا تزال في مرحلة التكيف مع الظروف القائمة ومعالجتها، ومع ذلك فالتحرك الخليجي مطلوب طالما المخاطر لم تصل لحدودها القصوى..