كأنّه حلم أو أمنية تحققت بعد زمن، هكذا وصف كبار السن تنفيذ الطريق الجديد الذي يربط مكة بقراها، وقد اشتغل هؤلاء في نقل منتجات المزارع من "وادي فاطمة" إلى جدة عن طريق قوافل الجمال، متحملين وعثاء السفر الأسبوعي لأكثر من (15) ساعة، ويسترجع هؤلاء قصة قوافل التجارة وهم يعايشون اليوم تنفيذ أحد أهم المشروعات التي تربط جدةبمكةالمكرمة، وذلك عن طريق وصل ضاحية "بريمان" بطريق المدينةالمنورة؛ مما يُسهّل رحلة الوصول إلى المسجد الحرام للحجاج والمعتمرين عبر مطار الملك عبد العزيز بجدة. وتواصل الآليات والمعدات فتح وتمهيد الطريق الجديد الذي يربط مدينة جدة بأكثر من (110) قرى وهجر بمحافظة الجموم، والتي يقطنها أكثر من (130) ألف نسمة ومكةالمكرمة، ويبلغ طول الطريق "الحلم" الذي كسر حواجز الكثبان الرملية (30) كم وبعرض (70) مترا، وله اتجاهان بينهما جزيرة وسطية بعرض أربعة أمتار، فيما سيربط الطريق بجسر مع طريق المدينة-مكةالمكرمة السريع، وقد تم إنجاز (80%) من المشروع الذي سيوفر (60%) من طول المسافة بين الجموم وجدة، وهو ما يمهد لربطه مع طريق الطائف-الرياض، حيث تنفذ هذه الطرق إلى "مركز عشيرة"، وتم التركيز في تنفيذ المشروع الجديد على رفع مستوى الطريق الذي يخترق مناطق رملية وشعابا وأودية، حيث نفذت الشركة عددا من عبارات تصريف مياه السيول، وعملت على تهذيب الجبال؛ حمايةً من خطر تساقط الصخور. الجمّالة قديماً قطعوا الأودية والجبال حاملين بضائعهم إلى أسواق جدة وكشف الشيخ "صالح بن صليح اللحياني" -من قدامى الجمّالة في وادي فاطمة- أنّهم كانوا يقطعون المسافة قاصدين جدة عبر "حداء" و"بحرة" في نصف يوم، وحتى أن يدخلوا "سوق البدو" في قلب جدة، واصفاً الطريق بأنّه لا تنقطع فيه أصوات الضفادع؛ نظراً لغزارة المياه التي كانت تنساب من وادي فاطمة على طول الطريق المؤدي إلى جدة. وبيّن "علي العمري" أنّ الطريق الذي أصبح أشبه بالحلم المتحقق لسكان "الجموم" وشمال مكةالمكرمة يعتبر واحداً من أشهر طرق قوافل الجمال، والتي كانت تحمل الخضراوات من مزارع "هدى الشام" إلى جدة في السبعينيات والثمانينيات الهجرية، مشيراً إلى أنّ له خلفية تاريخية كبيرة، وقد كان يطلق عليه "طريق يرام"، وكان "الجمّالة" يسلكونه للوصول إلى "حلقة جدة" بوسط البلد، وقد هجر الطريق القديم في أواخر الثمانينيات الهجرية بعد وصول الشاحنات التي أصبحت البديل الجديد لقوافل الجمال، وأنّ الطريق الجديد سيصبح وجهة حافلات الحجاج والمعتمرين القادمين عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة إلى مكةالمكرمة، وكذلك الموظفون العاملون في جدة والذين يسكنون مكةالمكرمة والجموم؛ مما يخفف الضغط على الطريق الحالي. وألمح "إبراهيم اليامي" -عقاري- إلى أنّ تشغيل الطريق الحديث مطلع العام الجديد من شأنه تحويل مقود مهم من روافد الاستثمار في مجال الحج والعمرة إليه، وأنّه سيزيد من عائدات محطات الطرق، وقد يضاعف الطلب ويحقق النمو السكاني، وفي ذلك تشجيع على الإستثمار السكني والتجاري. فيما تمنى بعض الأهالي بعد افتتاح الطريق الجديد أن تربط محطة الأبحاث التابعة لكلية الأرصاد وحماية البيئة-الواقعة في مركز هدى الشام- مع جامعة الملك عبد العزيز، حيث ستكون المسافة بين جدة و"هدى الشام" (25) دقيقة فقط، لافتين إلى أنّ الطريق سيعيد مئات الآلاف من الموظفين والطلاب والأسر للعيش بجوار ذويهم.