أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن المملكة العربية السعودية تعد في مجملها من اهم قصص النجاح في الوقت الحاضر ببنائها على العقيدة الصافية والاعتدال، والقيم الإسلامية السمحة، والتعاون، وباعتمادها مبدأ جمع تسد وليس "فرّق تسد" وأنها بلد يحب الخير ويسعى إليه. وأشار سموه في محاضرة ألقاها صباح أمس في قاعة الشيخ محمد بن إبراهيم بجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية إلى مرتكزات النجاح كما يراها وقال: "نتحدث عن نجاحات الدولة ونحن في هذه المنارة العلمية الشامخة نستذكر شخصية هامة في تاريخ الدولة السعودية تستظل هذه البلاد والمنطقة بملحمة نجاحه وهو الإمام محمد بن سعود التي تسمت الجامعة باسمه تخليدا لذكراه، ولدوره في نشر العقيدة الصافية السمحة ودعم دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. واضاف: "ومن أعظم قصص النجاح التي تحققت لهذا الوطن هي ملحمة التأسيس وتوحيد المملكة من قبل الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله الذي وحد القلوب قبل أن يوحد الأرض، ليسطر أبناء هذا الوطن أعظم ملحمة ارتكزت على الثوابت الدينية والوشائج الاجتماعية". وأكد الأمير سلطان بن سلمان أن علاقة القيادة بالمواطن في هذه البلاد لم تكن يوما علاقة حاكم بمحكوم بل كانت علاقة ترابط وتواصل وتلاحم وهذا ما هيأ النجاح لهذا الكيان وأرسى الأسس لاستمراره، وأضاف: "وأنا هنا استحضر تلك الكلمات العفوية التي قالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وقد عود أخوانه المواطنين بكلماته المملوءة حبا وصدقا وعفوية حين قال: "أنا لا شيء من دون الشعب السعودي" وقبلها قال: "أنا خادم الشعب السعودي وأقل من خادم" فهاتان المقولتان لا تخرجان إلا من رجل كبير نذر نفسه لخدمة وطنه وشعبه، فقابله المواطنون حبا وإخلاصا، وهذا منجز آخر من منجزات هذا الوطن الزاخر بالنجاحات المميزة". ولفت سموه إلى أن المواطنين هم الحاضر الدائم للنجاحات ولا يوجد في هذا الوطن نجاحات تحسب لقيادات أو مؤسسات بمعزل عن المواطنين، مشيرا سموه إلى أن النجاح أيضا لا ينسب للمواطن الرجل فقط، بل إن المرأة السعودية كانت وما زالت شريكا أساسيا في تحقق الإنجازات وصناعة القيادات، ولا ننسى أن الإسلام أبرز دور المرأة في المجتمع وجعلها منطلقا لنجاح الرجل، مستشهدا بدور أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها في مساندة أعظم البشر محمد صلى الله عليه وسلم. منح سموه وشاح الجامعة وتابع: "كما أننا وفي إطار هذا الحديث عن دور المرأة في صنع نجاح الرجل نستذكر أيضا موضي بنت وطبان زوجة الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، رحمهما الله، وما قدمته من جهد في جمع الشمل ونشر الدعوة والفكر السليم". وأضاف الأمير سلطان بن سلمان: "أنا أتحدث اليوم عن نفسي كمواطن وليس كمسؤول في الدولة، ولذلك سأتحدث عن قصّة تجربة شخصية أكثر من قصة نجاح، لأنني لا أعد أن ما قمت به كفرد يستحق الإشادة ولا اعده نجاحا ينسب لشخصي بل أنا اليوم هنا لعرض تجارب عديدة شاركت مجموعات عملت معي وأتكلم نيابة عنها، وأنسب أي نجاح إن كان هناك نجاح إلى الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء، ثم لهذا الوطن الذي احتضننا وأتاح لنا الفرصة لنتعلم ونعمل، وأعتز بأن يكون لقاؤنا في رحاب هذه الجامعة التي لها مكانة كبيرة لما تقوم به، وتحظى إلى جانب جامعاتنا الأخرى بدعم الدولة واهتمامها بشكل يعكس إيمان الدولة بتطوير العلم والعلماء، لاسيما وأن قضية التعليم هي قضية سيدي خادم الحرمين يحفظه الله، وتبنى هذه القضية بشكل أساسي وتبنى إنشاء الجامعات المتعددة في أنحاء المملكة". الأمير سلطان في صورة تذكارية مع مسؤولي الجامعة وأكد الامير سلطان أهمية الدين قيمه العالية في العودة للأصالة وهو الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية منذ ثلاثة قرون ومازالت متمسكة به ونعتز جميعا نحن المواطنين بهذه القيم، وننعم بهذه الدولة التي يعيش فيها المواطن مكرما مرفوع الرأس محفوظ الحقوق، والمستقبل لهذه الدولة، وسوف نرى أن الجميع أصبح ينظر لهذه الدولة بالإعجاب، وكيف أن استمرارها اعتمد على أنها دولة العقيدة التي تتناغم مع روح الإسلام وقيمه، التي تحثّ على البحث عن مستقبل، والتعاون مع الآخرين، واستيعاب جميع الثقافات والعلم". وأضاف: كان التعليم المدرسي قضية وطنية ولم يكن منهجا، والثقافة الدينية لم تكن في المناهج فقط، كانت هي الأسلوب الذي نعمل عليه ونعمل في إطاره، فكنا نعيش ديننا ونعيش وطننا في كل لحظة، وهكذا نتطلع أن نعيش الوطن قبل أن نسكنه وكما ذكرت سابقا إننا في الهيئة العامة للسياحة والآثار مهمتنا اليوم الأساسية أن نخرج المواطن من مواقع التواصل الاجتماعي، ونخرج التاريخ من بطون الكتب، إلى المواقع التي شهدت التاريخ الاسلامي الذي غير وجه البشرية ونهيئ الاماكن التي تمت فيها توحيد هذه الدولة وانطلقت منها سرايا التوحيد التي شارك بها كل أبناء الوطن، فما منا من أحد إلا وأسرته وعائلته وقبيلته قد شارك منها أحد، فنحن جميعا نملك أسهما في هذه الدولة، التي كأنها شركة مساهمة اليوم، لكن المؤسف أن معظم الناس، وهذا الكلام قلته في جامعة الإمام سنة 1422ه، أنه لا يزال، خاصة الشباب، لا يعرفون قصة توحيد هذا الوطن، وكيف خرج هؤلاء الناس رجالا ونساء في هذه الملحمة الوطنية ويريدون توحيد الجميع تحت كلمة لا إله إلا الله، ولذلك قصة هذه الدولة التي لم يعشها المواطن بعد كما يجب، هي من اهم الأمور التي نعمل عليها الآن". حضور كبير اكتظت به القاعات وتطرق سموه إلى المرتكزات الأساسية لتحقيق النجاح، مبينا سموه أن "النجاح لا يتحقق إلا بالتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وإخلاص النية، وكل نجاح يعود الفضل الأول فيه له سبحانه. والنجاح ليس جهداً شخصياً، او مكتسباً فردياً، بل علينا ألا ننسى الوطن الذي هيأ لنا البيئة وقدم لنا كثيرا لننجح". وعدد سموه مرتكزات أخرى لتحقيق النجاح تتمثل في الاعتماد على الشراكة وعدم الاستفراد بالرأي، والصبر وعدم استعجال النجاح، واحترام آراء الآخرين وتخصصاتهم، وعدم التفرد بالقرارات، وكذلك الاهتمام بالتفاصيل، فمن أراد النجاح عليه أن يفكر في الأمور الصغيرة والكبيرة، فمعظم الحوادث تنتج من صغائر الأمور. وتابع الأمير سلطان: كما أن من أسس النجاح الإصرار على بناء الجسور مع الآخرين، حتى ولو كانوا غير متحمسين لبنائها، فالعمل يثمر إذا كان الغرض تحقيق النجاح والمصلحة العامة، وكذلك التخلي عن النزعة الشخصية، وأن تعرف أن النجاح لا يتحقق إلا بالعمل مع الآخرين، واحترامهم، والحرص على حقوقهم وإعطائهم قبل أن تعطي نفسك، وهذا مبدأ إسلامي أصيل. وتحدث سموه عن خبرته في مجالات ريادة الفضاء، والعمل الخيري، وتأسيس قطاعات السياحة والآثار والتراث العمراني في المملكة. من جانبه أشاد مدير الجامعة الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل بالعمل المخلص الجاد البناء لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في تطوير قطاع السياحة والجمعيات الخيرية، منوهاً إلى أن وجوده بين طلاب وطالبات جامعة الإمام ومشاركته لهم يذكرنا بولاة أمرنا وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، اللذان يعملان على فتح آفاق وأبواب كل ما يخدم الشعب وأبناءه وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع صاحب الأيادي البيضاء على الجامعة ومنسوبيها الذي كان وسيظل داعماً لهذه الجامعة ومحافلها ومناشطها. وحث د. أبالخيل الطلاب والطالبات على الاقتداء بالأمير سلطان بن سلمان في صبره وكفاحه وجهاده حتى أصبح مضرب مثل لأبناء هذه البلاد، منوهاً إلى أن برامج عمادة الموهبة والإبداع من البرامج الطموحة والواعدة بالجامعة والتي تسعى في استفادة الطلاب والطالبات منها بما يخدم الدين والوطن وتحقيق تطلعات ولاة الأمر. بعدها قام مدير الجامعة بتسليم وشاح الجامعة ودرعا تذكارية للأمير سلطان.