احتل الحديث عن الغبار -هذه الأيام- مساحة كبيرة من أحاديث الناس في كل مكان من المملكة، وتسببت موجات الغبار المتكررة منذ أسابيع إلى مراجعة العديد لأقسام الطوارىء المختلفة في المستشفيات العامة والخاصة، وتحديداً كبار السن والأطفال ممن يعانون من الربو أو بعض المشاكل الصحية في الصدر. وموضوع الغبار يتعلق بصحة الغالبية، ويتسبب لهم في مشاكل مختلفة اجتماعية واقتصادية، فتعليمات الصحة والدفاع المدني شددت على أهمية عدم خروجهم من منازلهم إلاّ للحالات الطارئة، وبالتالي لم يغادر الكثير منهم منازلهم، وكذلك لم يتوجه الطلاب والطالبات لمدارسهم وجامعاتهم وكلياتهم، بل وهناك الكثير لم يستطيعوا التوجه للعمل؛ نظراً لسوء الأحوال الجوية وتردي الرؤية الذي يسببه انتشار الغبار في كل مكان. وسبق وأنّ أعلنت الجهات الحكومية من مستشفيات، وإدارات المرور والدفاع المدني، والمطارات، والمواني جاهزيتها بكامل طاقاتها البشرية والآلية وغرف العمليات؛ تحسباً لأي طارئ، وأطلقت هيئة الأرصاد تحذيراتها الأولية عن حالة الطقس، ووصلت للعديد من المواطنين رسائل نصية تدعوهم لأخذ الحيطة والحذر. وفي الوقت الذي كان في كلّ التحركات لمواجهة موجة الغبار تُعاني ربات البيوت مشاكل عديدة في تنظيف مساكنهم من زحف ذرات الغبار التي غزت كل مكان من البيت، حيث تمثّل هذه المشكلة هذا العام بعداً آخر وهو عدم وجود خادمات في بعض المنازل؛ بسبب أزمة الاستقدام المتعثّرة من اندونيسيا والفلبين. مفاجأة غير سارة وقالت «أم عبدالرحمن»: «بصراحة نطلب من الله الرحمة، فقد أتعبنا الغبار بتكرار زيارته لنا في الفترة الأخيرة، حيث جعلتنا في ضيق ومعاناة ما بين تنظيف وغسيل ونفض مفروشاتنا، ومنذ علمنا بموجة الغبار قبل أسابيع عملنا على تغليف مختلف فتحات النوافذ، إلاّ أننا نتفاجىء بوجوده داخل غرفنا، وكان الله في عون جميع ربات البيوت». سيدة تهرب بأطفالها من العاصفة الترابية ضيق في التنفس وأضافت «غنيمة» أنّهم تعبوا من الغبار وتكرار موجاته، والتي أضرت بهم وبأبنائهم الصغار، مبيّنة أنّ ابن حفيدها البالغ من العمر سنتين ضاق تنفسه فجأةً واضطرهم ذلك لمراجعة المستشفى أكثر من مرة لإسعافه بالأوكسجين، وأنّه لم يكن الوحيد الذي تعرض للأزمة التنفسية، فالمستشفيات تغص بأمثاله الذين داهمهم الغبار وأثر على تنفسهم. خدّامة جديدة! أمّا «أم عبدالله» فأظهرت تعاطفها الشديد مع خادمتها الجديدة، والتي لم تهنأ بمجيئها حتى عصف الغبار بالأجواء، وكانت بدايتها في العمل شاقة جداً، ومن أن تنهي من التنظيف حتى يعود الغبار من جديد ليبسط نفوذه في أرجاء المنزل، مما جعل الخادمة تلمح إلى عدم استطاعتها المتابعة في ذلك العمل، الأمر الذي دفعها إلى الطلب من الخادمة التوقف عن التنظيف حتى تهدأ موجة الغبار، وقد اقتنعت خادمتهم بأنها موسمية وليست دائمة، ولهذا ليس عليها القلق بعملية التنظيف للساحات الخارجية في المنزل. ظاهرة تستحق الدراسة! وبيّنت «أم صالح» بأنّه كانت لديهم مناسبة زواج في الرياض ولظروف الطقس اعتذروا من جماعتهم ولم يسافروا لحضور المناسبة، مضيفة أنّ تكرار موجات الغبار في السنوات الأخيرة ظاهرة تستحق أن تدرس علمياً، وأنّ جيلها لم يشهد مثلها ولم يمر عليهم حدث بهذا «الزخم»، مشيرةً إلى معاناتها هي وبناتها أثناء معاونة خادمتهم في تنظيف المنزل ومع ذلك لا يستطيعون إزالة الغبار نهائياً لأنه ما أن يتم تنظيفه حتى يعود مجدداً. حساسية في العيون وذكرت «أم فهد» أنّ ابنتها الصغيرة تعاني من حساسية الغبار، وصادف أن خرجت من صالة البيت إلى الحديقة وتعرضت للغبار فاحمرت عيناها؛ مما جعلهم يسرعون بها إلى المستشفى وعرضها على أخصائي العيون، والذي غسل عينيها ووضع مرهماً خاصاً، وغطاها بضمادات طبية، وطلب عدم تعريضها للغبار؛ لأنّها تعاني من حساسية مفرطه لبعض الأتربة والغبار، وهذه الحساسية سوف تزول عندما تكبر. أشجار ساترة ولفتت «أم عبدالمجيد» أنّ موجة الغبار هذا الأيام تكررت بشكل عجيب، وتسببت في مشاكل صحية ومتاعب مختلفة، حيث حرمتهم من «الطلعة» والتسوق، أو حتى زيارة الأسرة في المدن الأخرى، فسوء الطقس وتدني مستوى الرؤية منعاهم من السفر، مشيرة إلى أنّ ظاهرة الغبار يعاني منها الجميع، خصوصاً في المناطق الصحراوية، وتحديداً التي لا تتوفر فيها مساحات خضراء كبيرة حول المدن والطرق الرئيسة؛ حتى تُخفف من حدة الغبار، متمنية من الجهات المعنية أن تعمل على بناء سواتر من الأشجار حول المدن وبمساحات كبيرة، لأنها تساعد على التخفيف من حدة الغبار.