تستطيع أن تقدر حجم ميزانية أي مشروع أو دراسة أو بناء أو غيره، يمكنك أن تقدر قيمة مدرسة أو مستشفى أو مطار، أو مناقصة شراء حكومية، يمكن لك أن تقدر كل ذلك، بحساب اقتصادي محترف أو مركز دراسات، ويمكن أن تقدر ميزانية الدولة التي تتجاوز مئات المليارات، كل ذلك تحت السيطرة فأنت تعرف كم سيأتي لك من دخل ومن خلاله تحدد الإنفاق، فلا مصاعب أو عوائق حيال ذلك وهذا مهم لبناء وتقدير المستقبل . لكن ما يصعب تقديره بعد أن تعرف كم سيأتي لك من دخل أو ما سيتم إنفاقه، كم "المتسرب" أو" الضائع" من المال، فليس كل المشاريع والمناقصات تكون دقيقة في صرفها أو يمكن تقدير ذلك بدقة ماليا أو زمنيا، وهذا صعب جدا. من يستطيع أن يقول لنا كم المال المهدر من أموال الدولة ؟ سواء لمشاريع عامة وخدمية أو مناقصات شراء وغيرها، لا أحد يعرف كم من مال يذهب لفشل أو تأخرمشروع، أو عدم إتمام عمل وإنجاز مناقصة ، وهذا يفرض تأخرا كبيرا في تقديم الخدمات ، وهدر للمال العام الذي قد يكون بقصد أو بغير قصد، ولكن المحصلة النهائية أن المشروع أو المناقصة لم تنجز . حين يمكن أن نقدر كم من المال يذهب ويتسرب بطرق عدة، سنعرف أين تذهب الأموال العامة للدولة، وقد تأتي من سوء إدارة أو غيرها ، وهذا ما يضعنا أمام عمل مهم وحساس جدا وعاجل لحل هذه المعضلة ، وتكريس مفهوم أن هناك رقابة من أجهزة الدولة ، ويظهر لنا من يقول كم هو المال العام "المهدر" و" المتسرب " وأين ذهب وأسبابه ، يجب أن يكون لدينا إحكام وسيطرة لكل " ريال " يخرج من خزينة الدولة ، فكأي عمل محاسبي ، فهناك مدين ودائن . وهذا ما يلزمنا لكي نفسر كثيرا من ميزانيات ترصد لمشاريع ولكن لا تنجز لأي سبب كان. من الأولويات سد فجوة "الهدر" المالي و"التسرب" لدينا..