تبرز أهمية الإرشاد الزراعي في أنه يشكل مع البحث العلمي الركيزة الأساسية للتنمية الزراعية وتحقيق أهداف القطاع الزراعي خاصة وأنه يعد الوسيلة الفاعلة التي تعمل على إيصال النتيجة البحثية على شكل ممارسة قابلة للتطبيق تحت ظروف المزارعين ونتيجة لذلك فقد تأسست منظمات للإرشاد الزراعي في الدول المتقدمة والنامية لتقريب المسافة بين التقنيات المتطورة وتبني المزارعين لها، ومن ثم تتضح أهمية التفاعل والتكامل بين المراكز البحثية الزراعية والإرشاد الزراعي وفق آلية عمل تطبيقية وصيغة تنظيمية محددة لضمان انسياب التقانات المستحدثة من مراكز البحث العلمي الزراعي إلى الواقع التطبيقي ويكتسب الإرشاد الزراعي في الوقت الحاضر بعداً جديداً بفضل التوجه العالمي لإصلاح أنظمته الوطنية في البلدان النامية نتيجة لظهور متغيرات في المجتمعات الريفية في ظل الظروف المعاصرة التي يعيشها العالم. ويشكل العاملون في الإرشاد سواء الذين ينتمون لأجهزة حكومية أو أهلية أو منظمات خاصة أو جمعيات المزارعين في جميع بلدان العالم قوة هائلة, حيث يضطلع الإرشاد الزراعي بدور فاعل للغاية من خلال تحويل خدمات الإرشاد التقليدية إلى قوة حديثة قابلة للاستدامة وقادرة على مواجهة التحديات الجديدة. ويعتمد نجاح الإرشاد الزراعي في جهوده لتطوير وتنمية وتحديث القطاع الزراعي ورفع مستوى المعيشة للفلاحين، وتحسين ظروف الحياة في المجتمعات الريفية وتحويلها إلى مناطق جاذبة، وليست طاردة للسكان، على وضع إستراتيجية واضحة لربط نظم المعرفة والمعلومات والبحوث الزراعية بحيث يكون المزارع والمنتج الزراعي والمجتمع الريفي في بؤرة اهتمام هذه النظم، وإذا فشل الإرشاد الزراعي في توجيه البحوث بالشكل الذي يساعد على زيادة القدرة في حل المشكلات الزراعية تحول إلى مجرد عملية تلقين وابتعد عن جذب الفلاحين إليه. ومن المشكلات التي تعوق نقل التكنولوجيا من البحوث إلى الإرشاد في العديد من دول العالم، قلة أعداد المرشدين الزراعيين المتخصصين لتغطية المناطق المستهدفة، وعدم وجود تنسيق بين جهاز الإرشاد والجهات البحثية الأخرى، كما أن معظم الدورات الإرشادية التي يتم إعدادها للمرشدين دورات نظرية تعتمد على تراكم المعرفة أكثر من الاهتمام بتنمية المهارات والخبرات، هذا بالإضافة إلى عدم توافر الوسائل الإرشادية الحديثة التي تعمل على سهولة نقل المعلومات إلى المربين من أجهزة سمعية ومرئية وضعف مهارات الاتصال. ونظراً لأن العالم يعيش اليوم في قلب ثورة تكنولوجيا المعلومات، التي حولت العالم إلى قرية كونية، وغيرت حياتنا بكل تفاصيلها. فتكنولوجيا المعلومات تمثل قوة دفع هائلة يمكن الاستفادة منها في التنمية الزراعية. ويمكن استعمال هذه الطاقة لتعزيز قدرات وحدات الإرشاد وتثقيف سكان الريف من خلال وسائل الإعلام وفي نفس الوقت يمكن تخطي حاجزين كبيرين بين أجهزة الإرشاد في علاقاتها المباشرة مع المزارعين والباحثين وهما المسافة الجغرافية وغياب وسائل النقل من خلال تطوير آليات إعلام تفاعلية ملائمة وتطبيقها، ومنها الإعلام الزراعي وذلك من خلال إنتاج وبث البرامج الزراعية الإرشادية المصورة وغير المصورة وبالتعاون والتنسيق مع الجهات الإعلامية وإقامة المعارض والمهرجانات الزراعية بهدف تعريف المنتجين والمهتمين بأحدث التقانات المستخدمة بالزراعة.وقد بدأت بعض البلدان الغربية باستخدام مراكز الاتصال عن بُعد ، كما تم أيضاً إقامة الروابط الافتراضية لاتصال الإرشاد والبحوث التي أدخلتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة لهيئة الأممالمتحدة, ومنها رابط فيركون (الشبكة الافتراضية لاتصال الإرشاد والبحوث) من خلال تأمين الانترنيت والبريد الالكتروني التفاعلي على المستوى المحلي لدعم موظفي الإرشاد الميدانيين, وتطور شبكة النظام الخبير (RADCON) للتعويض نسبيا عن الزيارات الميدانية النادرة التي يقوم بها الأخصائيون لحقول المزارعين , واليوم بات الهاتف النقال ممارسة روتينية . ولكن يبقى السؤال في كيفية الاستفادة من طاقات تكنولوجيا المعلومات المتطورة لمصلحة موظفي الإرشاد والمزارعين على السواء دون التقليل من أهمية العوامل المحلية الفريدة كأنماط التواصل المحلية الذين يمثلون العنصر البشري الضروري والمطلوب ودون أن نعتبر كون تكنولوجيا المعلومات بديل عن موظفي الإرشاد الزراعي. * الخبير الاقتصادي والزراعي