سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استراتيجية محلية وعالمية لتطوير الحرف والصناعات التقليدية في المملكة.. وفرص وظيفية لإحياء التاريخ القديم الجنادرية أضاءت لنا الماضي الجميل فعدنا إليه عبر الهيئة العليا للسياحة
أي حديث عن احياء الحرف والصناعات التقليدية القديمة والتاريخية في بلادنا يرجع الفضل الأول فيه لمهرجان الجنادرية الذي أعاد للأذهان هذه الحرف والصناعات من خلال احتفائه بها ومن خلال نفضه الغبار عنها ومن خلال تقديمه لنماذج حية لزواره وضيوفه كل عام واعجاب الضيوف والزوار من الداخل والخارج بهذه الحرف والصناعات التقليدية ذات العراقة والتاريخ. ومع تكرار هذه المهرجانات والاعجاب بعروض الحرف والصناعات التقليدية التي تراكم الغبار عليها تماماً بدأ الحديث يعود - من جديد - نحو هذه الحرف والصناعات التقليدية وهل يمكن ان تستعيد (عافيتها وتاريخها وأيامها وذكرياتها الجميلة). ومع عودة الحديث عن هذه الحرف والصناعات التقليدية - التي نالت الاعجاب - كان للهيئة العليا للسياحة - رأي - في هذا التاريخ وهذه المهن وهذه الصناعات في ان تعود للأضواء بصورة مطورة وصورة متقدمة. الأمير سلطان بن سلمان ففي نشرة الهيئة العليا للسياحة (سياحة سعودية) قرأت تأكيد الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة ان الهيئة بدأت في اعداد استراتيجية وخطة عمل خمسية تنفيذية لتطوير الحرف والصناعات التقليدية في المملكة بالتعاون مع عدد من الوزارات والمؤسسات وبمشاركة خبراء دوليين من المجلس العالمي للحرف ومن بعض الدول ذات الخبرة في هذا المجال. وأوضح سموه ان هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الهيئة لتوفير مزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين والحفاظ على التراث الوطني واستثماره في تطوير السياحة في المملكة كما أشار سموه إلى ان الهيئة العليا للسياحة قدمت العديد من المبادرات لدعم هذا القطاع وتنميته فبدأت - منذ عامين - بتنظيم أسواق للحرف والصناعات التقليدية. تطوير المهن والصناعات يقع على عاتق هيئة السياحة احياء شيوخ المهن.. فكرة جديرة بالاهتمام أهالي جدة والحرف القديمة اشتهرت (مدينة جدة) بعدد غير قليل من الحرف والصناعات التقليدية كان من أبرزها (صناعة بناء السفن الشراعية) من الحجم الصغير ومن الحجم الكبير إضافة إلى عصر السمسم (معصرة السمسم) وكذلك صباغة الملابس (أشهرها في سوق البدو) وغيرها من الحرف والصناعات التقليدية التي تحمل أسماء مختلفة منها (الدباغون والطحانون والخرازون والحدادون والسماكرة والخياطون والقطانون). وكان لكل مهنة شيخ ينظمها ويشرف عليها ويكون مرجعاً لها ولحل مشاكلها - إذا وقعت - سواء كانت هذه المشاكل مادية أو مهنية بعكس ما يحدث حالياً فكل من هب ودب يمارس أي مهنة ولا يجيدها بل يتعلم من بيت إلى بيت ومن مكتب إلى مكتب ومن مؤسسة إلى مؤسسة ويتعرض كل من يلجأ للمهنيين والفنيين - الجدد - إلى خسائر مادية ومعنوية ولا يجد من يشكو له لأنه لا توجد هيئة بعينها أو جهة بشخصها يمكن استقبال الشكوى وتقييم العمل وتقدير الخسائر ومع هذه الخطوة الجديدة للهيئة العليا للسياحة المتمثلة في أحياء وتطوير الحرف والصناعات التقليدية ربما يكون مناسباً لو طرحنا فكرة احياء (شيوخ المهن) من جديد باعتبارها تقليداً قديماً وباعتبار ان المشروع الجديد يحرص على احياء فكرة الحرف القديمة والصناعات التقليدية وشيوخ المهنة هم من هذا التراث وهذه الصناعات التقليدية. اعجاب كبير من الزوار الأجانب بالصناعات التقليدية الخواجات وسوق البدو وإلى الآن ما زال بعض الخواجات عندما تتاح لهم فرصة زيارة مدينة جدة يحرصون - أول ما يحرصون - على زيارة المنطقة القديمة (المنطقة التاريخية) متمثلة في أسواقها الشعبية وحاراتها القديمة (سوق البدو وسوق العلوي وسوق الخاسكية وسوق الندى) لكن سوق البدو هو الأقرب إليهم ويحظى باهتمام خاص منهم لأن به بعض الآثار القديمة (صناعة الفضة وتلميعها وبعض أنواع الحلي القديمة الخاصة بالعروس ومنها - على سبيل المثال - الرشرش والحزام والخلخال والقلادة والتاج) وكلها مصنوعة من الفضة الخالصة وإذا أراد أهل العروس طليها بالذهب يقوم العاملون في صناعة الفضة بذلك ويشتري الخواجات بعض هذه الصناعات الفضية التاريخية التي تحكي حقبة من الزمن القديم لنا والتي أصبحت في ذمة التاريخ وقام أصحابها ببيعها من جديد لمحلات الفضة ووجد فيها الخواجات يرتادون أسواقنا القديمة لشراء بعض صناعاتنا التراثية وبالذات من سوق البدو وكذلك يشترون التحف والصناعات التقليدية القديمة قبل ان يتنبه لها أصحاب محلات التحف والصناعات القديمة ليسبقوهم إليها ومن ثم يعرضونها عليهم (روادي قديمة، زل قديم، سيوف وخناجر قديمة ومشربيات قديمة وفوانيس واتاريك إنارة قديمة وصناعات فضية قديمة وبعض أنواع الملابس القديمة) لعدد من سكان المملكة عبر عشرات السنين. التقليد كاد يقضي عليها وبعد ان اقتحمتنا الصناعات الرديئة (عل كل شكل ولون).. وامتلأت أسواقنا بالتحف والصناعات التقليدية أوشكت معالم تحفنا وصناعاتنا الفضية والفخارية والخشبية على الضياع لتأخذ محلها الصناعات الرديئة والمقلدة وحتى (سوق البدو) فقد جزءاً كبيراً من مكانته لدى عشاقه المحليين وعشاقه الخارجيين بعد صولات وجولات عاشها هذا السوق الذي هو أشهر أسواق مدينة جدة القديمة وأعلاها وحكاية أعلاها ان السوق المرتفع ومن عنده يبدأ الهبوط لسوق العلوي والخاسكية وقابل والندى وهناك من يقول ان هذا السوق هو أقدم أسواق جدة وهناك من يقترح لو ان هذا السوق ضم مشروع الهيئة العليا للسياحة بالنسبة لمدينة جدة وحرفها وصناعاتها التقليدية أو ان يقام في مطار جدة القديم ومشروع الهيئة العليا للسياحة بشأن احياء وتطوير الحرف والصناعات التقليدية في حالة رأى النور فإنه سيعكس اهتماماً كبيراً لدى السكان والزائرين بهذا المشروع (الحضاري - التراثي) أو التراثي - الحضاري الذي يعيد السكان لماضيهم الجميل ويعيد التاريخ نفسه لماضيه الجميل ويكون - هذا الماضي الجميل - معلماً سياحياً وعملاً وظيفياً وصورة من صور الجذب السياحي داخلياً وخارجياً يسير في طريق اهتمامات الهيئة العليا للسياحة لتحقيق إنجازات وخطوات عملية من شأنها الارتقاء بالسياحة وكانت مدينة جدة قبل حوالي 15 عاماً على وشك ان تقر أمانتها في عهد الدكتور خالد عبدالغني مشروع احياء هذه الحرف والصناعات بعد ان أرسى الدكتور محمد سعيد فارسي معالم «المدينة التاريخية» التي نجح في بقائها على قيد الحياة رغم ناطحات السحاب. «الجبة» في الجنوب كانت صناعة «الجبة» وتطريزها وتشكيلها صناعة أهل الجنوب حيث كانت هذه الجبة المصنوعة من الصوف سلاح أبناء الجنوب في موسم الشتاء وكان الرجال والنساء يقومون باعدادها وتجهيزها وعرضها للبيع بعد ذلك وكانت حدثاً بارزاً إذا أقبل الشتاء فيرتديها عليه القوم ومن يليهم لأن صناعتها وتجهيزها درجات منها الفاخرة ومنها نصف الفاخرة ومنها العادية والفاخرة كان يجري تطريزها بعدة ألوان من الخيوط الحريرية والقطنية فتكسبها منظراً فريداً وتعكس صناعتها مدى الدقة والاتقان لدى صانعيها من الرجال والنساء ومع دخولنا (عصر الطفرة) و(عصر الاستيراد) بدأت هذه الصناعة في الانقراض شيئاً فشيئاً حتى اختفت فدخلت المصانع الخارجية على الخط وانتجت (ملايين الجبب) والعباءات الرجالية بأسعار رخيصة ومواد إنتاج أرخص فتوقفت الأيدي المحلية عن الإنتاج تماماً ولو عرف الأوربيون هذه الجبب المنقرضة لتمسكوا بها واشتروها ولبسوها في موسم البرد القارس عندهم الذي يشبه في قوته وقسوته برد الجنوب عندنا وتوجد (جبب) من هذا النوع لدى كبار السن في مناطق الجنوب يحتفظون بها من باب الذكريات ويلبسونها في مواسم الشتاء رافضين المستورد. وليست (الجبب) هي الصناعة الوحيدة فهناك صناعة (الثياب النسائية) الجميلة التي اختفت بعد وصول المستوردة الأرخص والاردأ. وهناك صناعة الأواني الكبيرة للطبخ - قدور - العزائم - التي تنحت من الصخور وأيضاً بعض الصحون وغير ذلك من الصناعات التقليدية. إن سعادتنا بمشروع الهيئة العليا للسياحة لتطوير الحرف والصناعات التقليدية ليس سببه فقط إيجاد (فرص وظيفية) بل لأنه يعيد أبناء الوطن لوطنهم من خلال حرفهم وصناعاتهم التقليدية.