إذا أقبلت على مدينة (لاس فيغاس) بولاية نيفادا بأمريكا رأيتها من بعيد شعلة من الأنوار؛ وهي في الواقع شعلة من النيران تحرق نقود وأعصاب وعقول مرتاديها من المدمنين على (القمار) في أشهر مدينة لممارسة القمار في العالم، كل شيء فيها يغري المقامرين على تدمير أنفسهم: صالاتها مفتوحة 24 ساعة.. أنوارها مضاءة كالشموس 24 ساعة.. طاولاتها الخضراء (بل الحمراء) تملأ الصالات الواسعة جداً في تلك الفنادق الضخمة التي تقدم لروادها غرفاً باذخة بأبخس الأسعار لأن الهدف جذبهم للقمار!.. في هذه الصالات الواسعة المتلألئة بالثريات المذهبة لن تعرف الليل من النهار: لا يوجد ساعات على الاطلاق.. لا يوجد أي موعد للإغلاق.. لا يدخل أي بصيص من نور الشمس.. قد تم إغراء روادها وإغواؤهم بمواصلة ألعاب (القمار) ليل نهار.. المغريات كثيرة والمآسي أكثر.. فمن غرقوا في لاس فيغاس أكثر ممن غرقوا في البحار والأنهار! حسناً.. ما علاقة هذا كله بالأسهم والاقتصاد؟!.. علاقته أن (القمار) صفة ذاتية قبل أن يكون طاولات حمراء وألعاباً تسلب العقول والجيوب.. فهناك من يحمل (هداية المقامر) في أعماقه ويدمن عليها ولو لم يجلس على طاولة قمار ثانية في حياته.. المقامرون يريدون كل شيء.. أو لا شيء.. هكذا في العقل الباطن.. هم لا يعرفون شيئاً اسمه استثمار بل يسخرون منه ومن أصحابه (اشتري سابك علشان 5 ريالات كل عام؟) هذا منطقهم الساخر.. القمار يمشي في دماء بعضهم كالتيار.. لذلك يضاربون على الأسهم الخاسرة العاثرة وينتشون كلما ارتفعت لفوق ويدمنون القمار مع كل صعود لأسهمهم المصطنعة ولو كان صعوداً إلى الهاوية.. قد يربحون كثيراً في البداية ولكن مصيرهم المحتوم مصير كل مدمن قمار - إذا استمر - دمار وخراب ديار!!