من الطبيعي أن تسبب قوة الضوء ضررا للعين المعتادة على الظلام، وإن كانت سليمة في الأصل لان اعتيادها الظلام أصابها بالخلل والضعف..., ومجتمعنا في واقعه اليوم يشابه تلك الحال فقد اعتاد الصمت بشكل يفوق القدرة الطبيعية لتأتيه حالة الانفتاح والتعبير عن الرأي وفق معلومة ظنية تارة ومعلومة مبهمة تارة أخرى ومعلومة مجالس واستراحات تارات وتارات..؟؟, وفق ثقافة الحوار برؤية مؤسسية عليا أتاحت الحضور الرسمي للاختلاف الايديولوجي في بقعة واحدة وبسياق يحترم الاختلاف في مضمون وحدة وطنية تفترض أن الاختلاف يرتبط برؤية فكرية وليس انتماء وطنيا.. جاء السيد تويتر وبقسوة الانتزاع خلع اللثام من فوق الأفواه وتبارى الجميع في تقديم الرأي وبات الحوار شكلا من أشكال تأصيل الاختلاف وفق منظور الخلاف وكأن وجود رأي آخر أمر لا يتفق معك يعني التشكيك وحق الخلاف.. مع ان الاختلاف ظاهرة صحية، بل هو سنة الله في خلقه.., ثقافة الرأي الأوحد باتت تسيطر على الكثير على الرغم من أن أغلبنا في ذات الوقت يؤكد على أهمية حرية الرأي، ولكن لا نتحمل الاختلاف ونجتهد في تحوير الرأي لنصيب صاحبه في مقتل.. جاء تويتر ونزع منا حالة الصمت أو الهمس في مجالسنا فأصبحت أصواتنا أكثر علوا، ولكن بعضنا لم ينضج وتمركز حول انتزاع حق الوصاية للآخرين، وهؤلاء الآخرون أيضا يبحثون عن مساحة وصاية لآخرين وبقيت الوصاية بحرا متلاطم الأمواج.. والنتيجة أن بعضنا على وشك الغرق مع أول ممارسة للغطس في بحور التعبير وحرية الرأي ألم أقل لكم أن طول الإقامة في غرفة بدون ضوء مضر حتى بعيون الصقور.. تويتر جزء من تفاصيل يوم الكثير منا، بل بات جزءا رئيسا من المكون الثقافي للجيل الجديد فهل يدرك الكبار منا أن الوطن وأمنه واستقراره مسئولية الجميع ويبتعدون عن ممارسة تسريب معلومات تثير الفتنة والخلاف بين مفاصل المجتمع..؟ تويتر جزء من التعبير ومساحة ممتدة لحرية التعبير وبعضنا يصر أن يجعله مساحة للتنفيس عن أحقاده أو عدم قدرته على التعايش مع التنوع الفكري.. تويتر للكثير من الشباب وخاصة ممن هم دون العشرين تقريبا يمثل فضاء مهما وملهما للكثير من الأفكار ومصدرا للمعلومات وربما ضبط الاتجاهات نحو أفق أو آخر.., مما يضاعف مسئولية الكبار في تعاطيهم مع فضاءات تويتر.. ويبقى تويتر لمن عانوا من حالة الانكسار في سراديب الصمت لسنوات هو متنفس وفشة خلق كما يقول إخوتنا في لبنان .., ولكنه بكل تغريداته مرحلة ستليها أخرى أكثر هدوءا وأقل صخبا بعد أن تعتاد عيوننا على الضوء أكثر..