تواصلت فعاليات ملتقى جواثى الثقافي في نسخته الثالثة، الذي نظمه نادي الأحساء الأدبي الثقافي خلال اليومين الماضيين تحت عنوان "الحركة الأدبية المعاصرة في الخليج العربي"، في فندق الأحساء انتركونتيننتال، بالعديد من الجلسات وتقديم البحوث والشهادات الأدبية وسط تواجد كثير من المثقفين.. حيث بدأت أولى جلسات اليوم الثاني الساعة التاسعة والنصف صباحا , المحور: الخطاب النقدي. رئيس الجلسة : الأستاذ الدكتور محمد رضا الشخص . د. زهير المنصور: تشكلت تجارب الشعراء في المملكة من خلال مدرستي الإحياء والتجديد المشاركون الدكتور الدكتورة سعيدة خاطر الفارسي ( عُمان ) عنوان البحث: صورة المرأة في أدب عبدالله الطائي . و الدكتور زهير أحمد المنصور ( الأردن ) ببحث بعنوان: ظواهر من الإنزياح الأسلوبي في شعر صالح الزهراني. وفي مشاركة للدكتور زهير أحمد المنصور، وصف الشعر السعودي بأنه شهد في السنوات الأخيرة تطورا ملموسا في الشكل والمضمون ساعد على ذلك جملة من العوامل تتمثل في الصحافة والمجلات الأدبية المتخصصة ونشوء الجامعات والروابط والأندية الأدبية ومؤتمرات الأدب، التي ساهمت في دفع الحركة الأدبية في السعودية إلى مصاف الدول العربية الأخرى.. مشيرا إلى أنه من خلال ذلك نلحظ أن الأدباء في السعودية بدأوا يحاولون مسايرة ركب الشعر العربي وتطوراته المختلفة، سواء على مستوى البناء الفني للقصيدة، أو البناء اللفظي.. مستعرضا خلال مشاركته ما وصفه بالظاهرة الأدبية في السعودية في السنوات الأخيرة، التي يرى بأنها تشكلت على أسس ومعايير أدبية تنتمي هذه الأسس إلى مدرستين أولهما : المدرسة الإحيائية و ثانهما : المدرسة التجديدية.. مشيرا في هذا السياق إلى أن موضوعات الشعراء اتسمت بالتنوع في هاتين المدرستين.. فمنهم من حاول مسايرة الشعراء العرب القدامى فبرز لديهم الشعر الإسلامي و المديح و الرثاء ومنهم من حاول التجديد في موضوعاته تبعا لتنوع تجاربهم الشعرية فبرز لديهم الشعر الوجداني الذاتي والشعر الوطني والقومي والاجتماعي وشعر الطبيعة والوصف وشعر الحضارة العربية الحديثة.. حيث تميز شعراء هذه المدرسة بالحرص على إعلاء شأن العقل ومخاطبة الوجدان كما تميزوا بطول النفس و وحدة القصيدة أما المدرسة التجديدية فكان من شعرائها حسين السرحان وحسن القرشي والأمير عبدالله الفيصل , فكانوا من أتباع المدرسة الرومانسية فتميز شعرهم أنه ذات نزعة وجدانية د. سعيدة الفارسي: صورة المرأة لدى كل كاتب تعني رؤية الكاتب الذهنية نحو المرأة ! أما الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسي فقدمت ورقة بعنوان ( صورة المرأة في أدب عبدالله الطائي ) والتي قالت عنها: إن الصورة التي نتحراها في هذه الدراسة ليست هي الصورة البيانية من تشبيه واستعارات وكنايات ومجاز كما وردت في النقد العربي القديم، وليست هي الصورة وفق التعريفات اللغوية والنقدية الحديثة بمعنى أنها ليست تلك الصورة المتعلقة بالأدب وجماليات اللغة.. بل هي الصورة المتشكلة وفقا للرؤى الذهنية والفكرية للكاتب، ومن ثم فإن صورة المرأة لدى كل كاتب تعني رؤية الكاتب الذهنية نحو المرأة، ولأننا نتحدث عن أدب وأديب فإن الأمر لن يكون بهذه الحدة من التحديد والفصل إذ لابد من التداخل بين الصورتين ، لأن خطورة (الصورة ) لا تكمن في تنوع تشكيلها اللغوي، وإنما في تعدد مستويات دلالتها، لقدرتها الفائقة، بل المذهلة، على تجسيد وتمثيل (المرئي - الواقعي) و(الخيالي) أيضا، أي تجسيد الوهم والغياب). وأضافت الفارسي بأننا إذا توقفنا عند مصطلح الصورة كلغة معجمية سنجد أن الصورة تعني الخلق، والإيجاد، والتشكيل، والتركيب، مع ملاحظة أن هذا المعنى اللغوي لصورة المصطلح يقف عند حدود التجسيد, أي هيئة الشيء وظاهره.. مستدركة با، هذا التعريف يجعلنا نقف فقط عند الصورة الملموسة لأنه يصف شكل المرأة شعرها وجهها ثغرها وهذا الرسم الخارجي ليس هو الصورة الذهنية والفكرية التي يشكلها الطائي للمرأة، ووفق هذا المنظور لايهدف الطائي إلى رسم شكل حسي للمرأة، بل إلى تناول واقع المرأة وتفاعلها مع حركة المجتمع ودورها في هذه الحركة سواء أكان سلبا أو إيجابا. المشاركون في إحدى الجلسات وبناء على هذه الرؤية تحاول الفارسي استخلاص صورة المرأة لدى الكاتب قائلة: من المعروف سلفا أن أديبنا الرائد صاحب منهج رؤي واضح ومحدد، فهو من فئة كتاب الأدب الالتزامي، لأنه كاتب ملتزم بقضايا وطنه وأمته بشكل خاص، و قضايا الإنسان بشكل عام.. وأصحاب الأدب الملتزم عادة ينتهجون الوضوح لإيصال فكرهم ورؤاهم للآخرين، كما أنه قيادي ورائد لجيل سادتْ فيه كثير من قيم الالتزام وكثير من الطموحات القومية والوطنية، وكانت القضايا والمطالب السياسية والاجتماعية والثقافية واضحة كل الوضوح، من هنا يسهل على الناقد والقارئ أن يضع يديه بسهولة على رؤية الكاتب تجاه جملة التصورات الذهنية التي تبلور إبداعه الغزير والمتنوع بين الشعر والقصة والرواية والنثر عبر المقالات والدراسات التي قدمها للصحافة والإذاعة، وللمراكز الثقافية التي كان يقدم فيها جرعاته الثقافية في ذلك الوقت. اشارت الفارسي إلى أن الأديب عبدالله الطائي لايحتاج لتعريف واستدلال لما قدمه من ثراء متميز ومتنوع على مدار سنوات حياته.. إلا أنه من خلال هذه الدراسة تقف فقط عند موضوع صورة المرأة في أدبه.. والتي تشير بأنه من الملاحظ أن هذه الصورة تتسم لدى الطائي بعدة سمات واضحة ويتمثل أبرز هذه السمات فيما يلي :التناغم والانسجام والتوحد و الإيجابية والمثالية، السمة الثالثة: شرعية الحب للمرأة المرأة بطلة للنص وإن تضاءل دورها في الحدث و السمة الخامسة: التعليم والإبداع أبرز نماذج صور المرأة لدى الطائي تنحصر أبرز نماذج منها صور المرأة لدى الطائي في صورة الأم و صورة الزوجة و صورة الحبيبة. كما قدمت الأستاذة منى شداد المالكي ( السعودية ) ورقة بعنوان: من رواد الحركة الشعرية الحديثة في المملكة محمد الثبيتي نموذجًا. وقدم الأستاذ الدكتور عبدالرزاق الحاج عبدالرحيم حسين ( الأردن ) بحثا بعنوان (الرواية الإنجاز: زوار السفارات) وآخر للدكتور جمال حسين حماد همام ( مصر ) بعنوان (آفاق السرد عند الكاتبة القصصية منى الشافعي) وقد ظهرالشاعر محمد الثبيتي رائدا للحركة الشعرية الحديثة في المملكة خلال المحرلة الشعرية في فترة الثمانينات الميلادية ، متجاوبا مع روح التجديد الذي هبت على الشعر العربي الحديث ، فظهرت قصائده محملة بالنفس السردي , والذي يلزمنا عند سبر أغوار قصائده التقصي في جوهر قصيدته ، وتشكل عناصرها وفضاء مكوناتها , لنجدها تنتمي إلى نوع من السرد الذاتي ، ولتظهر تلك الشخصية الفاعلة في قصيدته داخل قالبا سرديا ومن خلال تقاطعات وثنائيات يرتفع الحدث ويتشكل السرد. ورغم قصر نصوص محمد الثبيتي إلا أن لغتها الشعرية في تمازجها مع السردي تعطي فرصة للباحث للغوص داخل تلك اللغة المحملة بكل ذلك الشجن.. حيث ترى المالكي أن الثبيتي استنطق محمد الثبيتي الكثير من الشخصيات التاريخية والأسطورية التي تتمتع بحضور كبير في ذهن ووعي المتلقي وقد تباين تعامله مع هذه الشخصيات فمنها ما جعله قناعًا وتحدث بلسانه ك(عرّاف الرمال) ومنها ما ظل يسير بموازاة صوت الشاعر مثل (البابلي) ، فالثبيتي صانع شخصيات تميزت بالثراء من حيث أنها شكلت محركاً للرؤية . وذكرت المالكي بأن الثبيتي تعامل مع الشخصيات كعنصر رئيس من عناصر التشكيل السردي داخل النص الشعري من خلال تشظيها في الأسطورة، فلا تغدو شخصيات تأريخية، بقدر ما هي شخصيات أسطورية تتلبس الدلالات من خلال النص مثل : عنترة ، معن بن زائدة، حاتم الطائي ، سليك بن السليكة ، البابلي ، الفرس، القرين ، فشخصيات محمد الثبيتي غامضة ومرهقة عند قراءتها ، والنص هو مفتاح الشخصية لديه والتي يتعامل معها بارتباط غير مألوف ليتحول إلى صانع أساطير جديدة ، ولينتج كائنات تفاجئنا حقائقها الشعرية ، وإن كنا لانجهل أسماءها وملامحها التأريخية.