في الوقت الذي كان فيه الطبيب النفسي خلال حقبة مضت غير موجود إن لم يكن هو الراقي او من يكتب الرقيا بحيث يتم تأويل معظم الأمراض النفسية الى أمراض عضوية وتتم معالجتها دون ادراك ان مصدر المرض حالة نفسية نتيجة المعاناة التي لايستطيع المريض كشف اسرارها كان الشاعر قريباً من هذه النواحى واستطاع أن يتفهم حقيقة المعاناة النفسية والمشاكل الوجدانية، ومن خلال شاعريته عالج بعض هذه الأمراض وعايش مع الأفراد معاناتهم وذلك من واقع التجربة والاحتكاك المباشر . والتفاعل المستمر مع البشر أكبر برهان على مصداقية نقل الخبرة للآخرين، فلقد تعب الشعراء لإحساسهم المرهف من الواقع الذي يعيشونه إما من التعامل السلبي للآخرين معهم أو الحيلولة دون الحصول على مطالبهم ورغباتهم، وبالتالي ينعكس ذلك على حالتهم النفسية، ومن واقع هذه التجربة لا يودون أن تسود هذه الحالة في أحبابهم. وبالتأكيد للمشاكل النفسية والمعاناة المستمرة من الهموم اياً كانت مصادرها انعكاس سلبي على البدن نفسياً وعضوياً، ومن واقع هذا التأثير السلبي حذر الشعراء وبطريقتهم من انعكاسات الحالة النفسية يقول الامير خالد الفيصل : ياضايق الصدر بالله وسع الخاطر دنياك يازين ماتستاهل الضيقه الله على مايفرج كربتك قادر والله له الحكم في دبرة مخاليقه وظهور ملامح التأثر لايفيد المتأثر في شيء بل يزيد من شماتة الاعداء والعذال يقول الشاعر : لايضيق الصدر وخل صدرك وسيع وسع الخاطر وعند الله سعه ماتهون ياللي اشوفك مستضيق ليت بس الهم اقدر امنعه وقد تم تصوير معظم حالات التأثر الوجداني في قالب الجرح وكيفية علاجه وهذا التصوير يأتي من مبدأ الاحساس المرهف للشاعر والذي يتميز بالتضخيم في تشبيه الحالة يقول الشاعر صالح بن قبلان : جرحي اللي لاجي ماله طبيب والمشاكي للولي منشي الغمام وغالبا مايجد المتألم في الشعر وحكمة وتوصيات الشعراء سلوى لحالته كون يجد من يلامس حالته ويضع اصبعه على الجرح وهذا نتاج خبرة سابقة وممارسة حقيقة للألم واللوعة وانعكاساتها على الحالة النفسية : الى متى ياضيقة الخاطر على مجرى الوريد ماعاد باقي من دمي قطرة ماهي مستوجعه اضحك لو ان الضيقة اللي فالحنايا تستزيد لين اقهر الضيقة واخليها تفارق فالسعة