تعد جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للترجمة من الجوائز العالمية في ترجمة الأعمال المتميزة معرفياً وثقافياً. ولتفعيل مساهمة وتركيز هذه الجائزة في تحقيق أهدافها فقد أشار موقع الجائزة على الانترنت إلى عدد من الغايات وراء إنشائها ومنها نقل المعرفة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية وإليها، تشجيع الترجمة، اثراء المكتبة العربية، تحفيز المؤسسات والهيئات في نقل الأعمال العلمية من اللغات العالمية إلى اللغة العربية وبالعكس. وأخيراً اتباع الأسس العلمية المبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص. ومن الملاحظ أن تميز الجائزة يزداد بوجود عدد من الخصائص الفريدة وهي انها تقام في قلب العالم الإسلامي ووجهة المسلمين مما يشعر العالم الإسلامي بالفخر بها. بالاضافة إلى انها تحظى باهتمام ورعاية أعلى سلطة في الدولة والذي يعد من أهم عناصر النجاح في أي مشروع مهما كان حجمه وتكلفته. كل ما سبق يؤكد أهمية ومساهمة الجائزة على مستوى العالم وخصوصاً ان هناك العديد من الترجمات التي اثبتت أهميتها وفائدتها للدول التي ترجمت إليها. وبهدف زيادة انفراد الجائزة في تميزها فإني اقترح ان يتم اضافة استراتيجية أخرى جديدة للجائزة وهي تشجيع التأليف المعتمد على المصادر الأجنبية. هذه الاستراتيجية الحديثة ستؤدي إلى مساهمة الجائزة في تغذية بعض العلوم بالمعرفة المتقدمة والتي قد يصعب تحقيقها باستخدام أسلوب الترجمة فقط. ولكي نوضح ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد لاحظت نمواً واحتياجاً كبيراً لعلم تنمية الموارد البشرية الاستراتيجية وهذا تم تغطيته بنسبة كبيرة في مقالات علمية متميزة نشرت في دوريات عالمية مشهورة في الدول المتقدمة بغير اللغة العربية إلا اني لاحظت وجود فجوة لسد هذا العلم في الكتب التي تم تأليفها إلى اللغة العربية. هذه الفجوة تدعم القول (في الغالب) بأن تأليف كتاب علمي في مجال تنمية الموارد البشرية الاستراتيجية بالاعتماد على استخدام مئات المقالات العلمية الحديثة المنشورة باللغة الانجليزية في مختلف الدوريات العلمية المحكمة والمتميزة على مستوى العالم وعدد من المراجع الأخرى (تأليف أو بحوث أو غيرها) بلغات أجنبية يقدم مساهمة ذات قيمة أكبر من ترجمة كتاب في مجال تنمية الموارد البشرية الاستراتيجية وذلك للمبررات التالية: * الترجمة في الغالب تكون مبنية على نقل لفكرة كاتب واحد حتى وإن كان من المتميزين على مستوى العالم أو كان معتمداً على مراجع أجنبية فإن الفكرة والثقافة والبيئة تكون متأثرة بمؤلف أو مؤلفي الكتاب فقط. * في الغالب الكتب التي يتم ترجمتها تعتمد في مراجعها على الكتب العلمية وتغفل التركيز بشكل كبير على أهم المقالات المحكمة المتميزة والمنشورة في دوريات علمية محكمة. * مؤلفو الكتب في الغالب ينحازون إلى كتبهم وبحوثهم ووجهات نظرهم والمؤيدين لهم وبالتالي فهم في بعض الحالات لا يناقشون وجهات النظر النقدية لهم والتي قد يكون لوجودها وايضاحها اثر مهم في تطوير المعرفة. * عند ترجمة كتاب فإن القيمة الأكبر في الغالب تعطى لمؤلف الكتاب باللغة الانجليزية وموضوعه ومحتوياته وأما دور المترجم فيتلخص عند تقديم طلب الترجمة في الاقناع بأن الكتاب المقترح ترجمته يقدم قيمة للغة التي سيترجم إليها وليس بقيمة ما يتم اعداده من قبل المترجم وبالتالي يندر الإشارة إلى سلبيات الكتاب المطلوب ترجمته. * الترجمة تلزم المترجم برأي مؤلف الكتاب ووجهة نظره حتى وإن كان هناك قصور في أحد الجوانب المترجمة أو عدم مناسبتها لطبيعة وثقافة وخصوصية البلد المترجم إليها وبالتالي المترجم لن يستطيع ان يقدم اضافة لأنه ملزم بترجمة العمل (من اللغة الاجنبية إلى اللغة المحلية) دون تقديم أي تعديل أو تطوير أو تقييم نقدي له. يضاف إلى ذلك انه لا يعطي المترجم الفرصة إلى ابداء وجهة نظر للتغلب على ذلك القصور أو توظيفه ليناسب البيئة أو لاحتياج البلد المستفيدة منه أو للعينة المستهدفة. * ترجمة الكتب لا تعطي المترجم الفرصة لتقديم فائدة أو مساهمة من خلال مقارنة الجزء المترجم مع الواقع في البيئة التي يتم الترجمة إليها نظراً لالتزامه بترجمة ما جاء في الكتاب المطلوب ترجمته فقط. وبناء على المحددات السابقة فإنه من المهم عدم الخلط بين التأليف المعمول به حالياً في المراكز البحثية وما تم اقتراحه هنا كاستراتيجية حديثة للتأليف نظراً لما يعانيه أغلب الكتب المؤلفة في حقول مختلفة ومنها حقل ادارة وتنمية الموارد البشرية الاستراتيجية (على سبيل المثال) من انطلاق المؤلف من التجارب المحلية الموجودة أو الكتب المحلية أو الكتب الأجنبية غير المحكمة مع تدني الاعتماد بشكل كبير (في الغالب) على المقالات العلمية المحكمة المتميزة والحديثة المنشورة بلغات أجنبية. ولتخقيق نجاح هذه الاستراتيجية فإن الاقتراح يتطلب ان تقوم اللجنة المشرفة على الجائزة بوضع معايير خاصة بالتأليف المعتمد على المراجع الأجنبية بحيث تضمن تحويل المحددات التي تم مناقشتها إلى نقاط قوة ليستفاد منها في نقل المعرفة وتحقيق التنمية بكل أنواعها. وفيما يلي سيتم عرض لبعض المعايير والسياسات (وليس الحصر) التي يمكن الاستفادة منها في تطوير هذه الاستراتيجية والتغلب على المحددات التي تم الحديث عنها سابقاً: * ان تعتمد النسبة الأكبر من مراجع العمل العلمي المطلوب تأليفه على المقالات العلمية المحكمة المنشورة في دوريات متميزة أجنبية تحدد من قبل مجلس أمناء الجائزة وأعضائها. * ان يتم اعتماد حد أدنى من مراجع العملي العلمي (على شكل نسبة مئوية ٪) على الكتب الحديثة المحكمة والمنشورات بلغات أجنبية. * ان يتم اعتماد حد أدنى من المراجع العملية (على شكل نسبة مئوية ٪) على بحوث الدكتوراه أو الماجستير المتميزة والمنشورة بلغات أجنبية أو بلغة محلية مع تبرير أهميتها. * يمكن التوثيق من مواقع مهمة على الانترنت بشرط أن تكون ذات علاقة قوية في العمل العلمي. * ان يتم اعتماد حد أدنى من المراجع (على شكل نسبة مئوية ٪) على البحوث التي تم تطبيقها على البيئات المختلفة ومقارنتها مع البيئة المستهدفة. * التركيز ما امكن على حداثة النشر. ومع علمي التام بصعوبة ايجاد معايير وسياسات جديدة بل وصعوبة تطبيقها نظراً لحداثتها على مستوى العالم فإني واثق بأن العمل على ايجاد هذه الاستراتيجية وتحديد معايير الفعالية والكفاءة لها يمكن ان يتم بشكل متميز من قبل الخبراء العاملين في الأمانة العامة لجائزة الملك عبدالله لما سيعطي الفرصة لمعايير الجائزة لتكون معياراً محلياً وعربياً وعالمياً Unternational Benchmark في المستقبل يستخدم من قبل المراكز البحثية لتحديد أفضل المصادر لنقل المعرفة بين الدول. * خبير في ادارة الأداء الاستراتيجي والموارد البشرية الاستراتيجية