من الملاحظ في الآونة الأخيرة اتجاه بعض المواطنين الذين تنزع عقاراتهم للصالح العام بيعها على رجال الأعمال والمطورين العقاريين بأثمان بخسة أو بأسعار أقل من سعرها الحقيقي من أجل التخلص من بيروقراطية النظام وتعقيداته والتي أصبحت تقف عائقا أمامهم للاستفادة من التعويضات المالية. وكانت التعويضات المالية لنزع العقارات في السابق نعمة خير على الذين عاصروا طفرة التسعينيات الهجرية حينما شقت توسعات التنظيم والتطوير في المدن والقرى واستفاد جميع المواطنين الذين نزعت عقاراتهم من التعويضات المالية ونقلتهم من بؤس العيش إلى رغد العيش والحياة الكريمة والتطور المدني ، لكن الملاحظ في الفترة الأخيرة أن " الآية " انعكست فبدل أن يصبح نزع العقارات نعمة على ملاكها صار على بعض الملاك نقمة في ظل صعوبة الحصول على التعويضات وطول إجراءاتها في بعض المؤسسات الحكومية . وهذه التعقيدات تجعل بعض المواطنين الذين لا يملكون حيلة أو قوة في سرعة إنهاء إجراءاتهم، يلجأ لبيعها لصالح بعض رجال الأعمال والمطورين ليس تخلصا منها بقدر ما هو هروب من بيروقراطية الأنظمة وتعقيداتها التي تقف أمامهم سعيا للحصول على مستحقاتهم. لقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظهما الله - دائما على كافة المسؤولين بالحرص على راحة المواطن والسهر على شؤونهم وتأمين احتياجهم وتسهيل معاملاتهم خاصة ذوي الدخل المحدود، والمتابع للعديد من القرارات السامية وقرارات مجلس الوزراء يجد أن هذه القرارات تركز على تذليل كل الصعاب أمام احتياج المواطنين وتسهيل إجراءاتهم في الدوائر الحكومية خاصة الأرامل والعجزة والمحتاجين والفقراء. وحينما تشترط العديد من الدوائر الحكومية على تطبيق الإجراءات الحكومية بنصها أمام هؤلاء المحتاجين يزداد تعقيدات الأنظمة واشتراطاتها من قبل بعض الموظفين فإنها تفتح آفاقا واسعة امام المستثمرين في العقار وكبار رجال الأعمال وبالتالي يجد أصحاب العقارات المنزوعة والذين لا يملكون مقدرة في إنهاء إجراءاتهم أمام خيار التخلص من هذه المساكن من خلال بيعه سعيا للحصول على قليل المال لعجزهم عن استكمال بقية إجراءات التثمين العقاري. ان تعقيدات الأنظمة واستغلال تطبيقها على فئة دون أخرى يفتح ثغرات لبعض الموظفين المنتفعين في المؤسسات الحكومية واستغلالها لخدمة أصحاب الأعمال والمال وبالتالي تزداد شهية القطاع الخاص في التهام احتياج هؤلاء المساكين حينما يعلمون بخطط تطوير بعض المناطق السكنية مستفيدين من وجود عاملين في المؤسسات الحكومية قادرين على استغلال تعقيدات هذه الأنظمة لمصالحهم بشكل غير مباشر وبالتالي ازدياد حالة الفقر بين طبقات المجتمع وإحساسه بالظلم في الوقت الذي حمت الأنظمة جميع طبقات المجتمع تحت مظلة النظام. إننا بحاجة ماسة اليوم لإنشاء مكاتب متخصصة تتابع تسهيل إجراءات هؤلاء الناس وتسلم حقوقهم ومعرفة المدة الزمنية في إنهاء إجراءات معاملاتهم وكذلك معرفة أحوال الناس بعد إزالة عقاراتهم، وهل هذه الأموال التي استلموها نقلتهم إلى حياة كريمة أم انعكست سلبا عليهم إذ ستكشف هذه المتابعات المختصة معرفة أسباب اتجاه بعض الناس لبيع ممتلكاتهم. * رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية العمومية للسيارات