قراركم المتمثل في صرف إعانات مالية للطلاب في القرى والهجر النائية الذي يهدف لمواجهة تسرب الطلاب والطالبات من المدارس التي لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية المتمثلة في عدم توفر المواصلات وصعوبة الطرق وعدم وجود مراكز صحية أولية وعدم توفر المياه والكهرباء وعدم وجود أسواق تجارية. هذا القرار من سموكم يعكس بحق اهتمامكم بابنائكم وبناتكم الطلاب والطالبات في مختلف مناطق المملكة، وهمكم الكبير في استمرارية التعليم في تلك القرى والهجر ما هو إلا من كبر المسؤولية التي تقع على كاهلكم تجاه نشر التعليم، وتطبيق سياسته. وظاهرة التسرب لا يمكن أن يخلو واقع تربوي منها في مختلف المراحل والمستويات ولكون التسرب بتلك القرى والهجر ناتج عن عدم توافر الخدمات الأساسية فيها فهذا يعني أن المشكلة لا تقتصر على قطاع التعليم فقط، ومع ذلك تكبدت وزارة التربية والتعليم ميزانية صرف تلك الإعانات بمفردها لأبناء وبنات تلك القرى والهجر، مع أن المسؤولية ليست مشتركة بين وزارة التربية والتعليم وبقية الوزارات والقطاعات التي لم تصل خدماتها لتلك الهجر والقرى فتكبد التعليم جزء كبير منها إيماناً منكم بالدور الريادي الذي تقوم به الوزرة في تقديم ما يصّب في صالح بلادنا مستقبلاً عندما ينتج عدد من الأجيال المؤهلة لخدمته، ولا ننكر بأن التسرب يؤدي إلى زيادة حجم المشكلات الاجتماعية كالانحراف وانتشار السرقات والاعتداء على ممتلكات الآخرين، ما يؤدي إلى ضعف المجتمع وانتشار الفساد فيه، كما تسبب مشكلة التسرب ضياعاً وخسارة للطلاب أنفسهم لأن هذه المشكلة تترك آثارها السلبية في نفسية الطالب وتعطل مشاركته المنتجة في المجتمع. وبالتالي توصلنا إلى انخفاض المستوى العلمي. فالتسرب المدرسي ليس بالظاهرة الجديدة التي تعانيها التربية والتعليم والمدارس، ولا تقتصر على جنس دون آخر، أو على طبقة اجتماعية أو اقتصادية دون أخرى لكنها تختلف من مجتمع إلى آخر وهذا ما أظهره شُح الخدمات بتلك القرى والهجر النائية. وبتضافر جميع الجهود وعلى كافة المستويات نصل لحل تلك المشكلة فظاهرة مثل تلك وفي تلك القرى والهجر لا تقع المسؤولية الكبرى على وزارة التربية والتعليم فقط، فإذا ما أردنا استمرارية التعليم بها فلا بد من بناء سياسة تربوية تأخذ بالحسبان كل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إذا ما أُريد معالجة الحالة بشكل مستديم. إضافة إلى قيام قطاعات الدولة الأخرى بواجبها تجاه خدمة أبناء وبنات تلك المناطق النائية فالزيادة المضطردة في أعداد الطلاب والطالبات سنوياً واضح وظاهر مع زيادة النمو المجتمعي وبالتالي فحلول الإعانات المؤقتة سيُسهم بالحل بشكل مؤقت، ثم تعود المشكلة أو الظاهرة من جديد للظهور وربما بنسبة أكبر مما كانت عليه. فقرار صرف الإعانة أسعدني جداً كمهتمة بالجانب التربوي والتعليمي ولكني أنشد الاستقرار لتلك العملية خصوصا إذا ما تطلعنا للسنوات المقبلة التي تتطلب توفير ما هو أكثر من تلك الإعانات المالية. * مديرة الإشراف التربوي لمدارس الأبناء بمدينة الملك خالد العسكرية