تساؤلات.. لماذا لدينا مراجعون للمسئولين!! لماذا دوائرنا الحكومية أصبحت تزيد مساحة صالات المراجعين الذين يحضرون لمقابلة المسؤول الأول في الجهاز الحكومي!! لماذا تزايدت أعداد المراجعين للمسئولين!! هل يوجد في أمريكا أو في أوروبا أو في اليابان أو في غيرها من الدول المتقدمة ظاهرة اسمها استقبال الوزير للمراجعين بعضها جماعية ووفق مواعيد محددة مسبقا يقصدها المراجعون القادمون من كافة المدن!! لماذا هذه الظاهرة لدينا فقط.. ولماذا هي في تزايد وماهي أسبابها.. هل هي ظاهرة اجتماعية متوارثة وما هي طرق علاجها.. وما هي بدائلها!! أجزم أنك أخي القارئ تعرف الإجابة.. وأعلم انك تدرك الأسباب الكثيرة التي أفرزت هذه الظاهرة حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية سعودية بأن أصبحت مكاتب المسئولين والوزراء تتزاحم بأعداد المراجعين يومياً!! المؤكد والذي يتفق عليه الجميع أن هذه ظاهرة سلبية وظاهرة تنم عن قصور كبير في بعض أوجه الخدمات وظاهرة تحكي عن خلل في الأنظمة أو في تطبيقها أو في تنفيذها.. وهي ظاهرة تقول أن هناك معضلة كبيرة في إدارة شؤون بعض أجهزة الخدمات.. وقد تكون بعض أسبابها خارجة عن إرادة المسئول وبعضها نتيجة خلل يتحمل مسئوليته فئة من كبار المسئولين في القطاعات الحكومية. إن ظاهرة تزاحم المراجعين لمكاتب بعض الوزراء والمسئولين ونمو هذه الظاهرة من خلال دعمها من قبل فئة من المسئولين في أجهزة الدولة، إنما هي ظاهرة تؤكد وجود أخطاء ومشاكل كثيرة تصاحب أداء وتنفيذ ومراقبة العمل وهذه كلها أدت إلى إجبار كثير من المراجعين على الحضور شخصيا إلى مكتب المسئول الأول في هرم الجهاز، وذلك لقناعة المراجع بأنه لم يجد من يلبي حاجته أو أن هناك من ظلمه أو أن هناك من منع عنه حقا له!! ومنهم من يرغب في تجاوز النظام والبحث عن نصيبه من الاستثناء الذي حصل عليه غيره!! إن ظاهرة تزاحم مكاتب المسئولين بأعداد المراجعين يومياً ليست ظاهرة صحية، بل هي ظاهرة غير حضارية ويخطئ كثيراً من الناس إن هم اعتقدوا أن هذه ظاهرة جيدة ومحمودة بأن يشاهدوا المسئولين يقابلون المراجعين.. فالسؤال هنا: لماذا أصلاً المواطن أو المراجع يجبر على مراجعة هذا المسئول!! لماذا المراجع يحضر من مناطق بعيدة ويتحمل مشقة وعناء السفر وتكاليفه المادية ويتحمل عناء دخول المبنى الحكومي!! لمقابلة المسئول الأول لمشكلة أو لقضية كان بالإمكان حلها بأسهل الطرق ومن أدنى الموظفين دون الحاجة إلى تدخل المسئول الأعلى في الجهاز!! يجب أن نقتنع تماماً بأن هذه ظاهرة سلبية وغير حضارية وتعكس وجها غير سليم للأداء والإنتاج والتنفيذ في الجهاز الحكومي وأن هناك خللا في العمل يحتاج إلى علاج من أجل تلبية حاجة المراجعين!! إن المسئول الأول في هرم الجهاز الحكومي من المؤكد أنه مسئول ناجح إذا فتح مكتبه طيلة وقت الدوام ولم يجد أي مراجع يدخل عليه حينها سيتأكد هذا المسئول أنه بالفعل مسئول ناجح جداً في إدارة العمل وتأدية مسئوليته، ومن ثم في تلبية مطالب كل المراجعين بكل عدالة.. وأن جهازه الإداري يعمل بكل ثقة وانه نجح في الوصول إلى المراجع دون حاجة هذا المراجع إلى القدوم لمقابلة أعلى المسئولين في الجهاز الحكومي!! المسألة حلولها سهلة وميسرة والحلول بيد المسئول الأول إن هو فعلاً أراد ذلك وأهمها الاستفادة سريعاً وعاجلاً من تقنية العصر!! التي تتيح خدمة المواطن في موقعه والاتصال به والوصول إليه في أي وقت وفي أي مكان!! المطلوب أو المفترض في مهمة المسئول الأول أنها مهمة قيادية وإشرافية عليا وتفشي ظاهرة المراجعين للمسئول الأول في الجهاز هي مهمة شاقة جداً وتستقطع وقتا وجهدا كبيرين من المسئول الأول بهذا الجهاز!! نتمنى أن يدرك كثير من المسئولين هذه الظاهرة ويعملوا سريعاً للقضاء عليها كلياً واللجوء إلى البدائل التقنية الحديثة التي تخدم المراجع وتحقق حاجته!! أينما كان موقعه.. إذاً السؤال: متى يأتي اليوم الذي لا نجد فيه مراجعا واحدا لأي مسئول في أي جهة حكومية!! *****