أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيله الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً إلى تزكية النفوس ورفعتها ومطالباً بالتوبة الدائمة لأنها من الأعمال المحببة إلى الله وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام: إن تزكية النفوس وتقويمها واصلاح القلوب وتطهيرها أمل سعى إليه كل العقلاء في كل الثقافات وفي كل الحضارات منذ اقدم العصور فسلكوا إلى قلوبهم مسالك شتى وشرعوا في أنفسهم مناهج وطرق عدة وحسبوا أنهم بأخذهم أنفسهم أدركوا المنى وبلغوا الآمال بالحظوه بالحياة الطيبة والعيش السعيد. وأضاف أنه من تعذيب الجسد بأمور وأعمال مضنية أسموها رياضات ومجاهدات إلى إغراق في الشهوات وانهماك في طلب الملذات بإسراف على النفس لا حدود له إلى عكوف على مناهج فلسفية وتأملات على خيالات وشطحات لا سند لها من واقع ولا ظهر لها من عقل إلى غير ذلك من نزعات وطرائق لا يجد فيها اللبيب ضالته ولا يبغي منها بغيته غير أن كل من أراد حظاً من الإنصاف ونصيباً من حسن النظر لا يجد حرجاً بالإقرار وسعادة حقة التي تطيب بها الدنيا وتطمئن بها القلوب وتزكو بها النفوس هي التي يكشف عنها الكتاب الحكيم والسنة الشريفة بأوضح العبارة وأدقها وأجمعها بالدلالة على المقصود. وأشار فضيلته بأن الله ارسل رسله وأنزل كتبه ليرشد الناس إلى سبيل تزكية أنفسهم وإصلاح قلوبهم وليبين أن ذلك الأمر لن يتحقق إلا بعد أن يؤدوا حق الله عليهم في إخلاص العبودية له. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن كتاب الله عز وجل يصرح بأساس التزكية بالإسلام وروحها وعمادها ومحورها توحيد الله. وحقيقتة كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أن يشهد إنفراد الرب سبحانه وتعالى بالخلق والحكم وإنه ما شاء كان وما لم يشئ لم يكن. وأنه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه وأن الخلق مقبوضون تحت قبضته وانه ما من قلب إلا وبين أصبعين من أصابعه أن شاء ان يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه. فالقلوب بيدة وهو مقلبها ومصرفها كيف شاء وكيف أراد وأنه هو الذي أتى نفوس المؤمنين كيفما أراد وهو الذي هداها وزكاها. وبين الشيخ الخياط أن المقصود في هذا المشهد أن العبد يحصل من مطالعة الجنايات والذنوب وجريانها عليه وعلى خلقه بتقدير العزيز الحكيم وأنه لا عاصم من غضبه وأسباب سخطه إلا هو ولا سبيل لطاعته إلا بمعونته ولا الوصول بمرضاته إلا بتوفيقه ودعا فضيلته إلى تجديد الإيمان فقال إنها مما تزكي النفوس على الدوام وإن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصيه فيعمل على زيادة الإيمان بصدق الاتجاه إلى الله. وأضاف فضيلته أن مما يزكي النفوس ايضاً دوام تذكر نعم الله التي أنعم بها على العباد. ومما يزكي النفوس أيضاً أعمال القلوب لأن القلب ملك الجوارح التي تصلح بصلاحه وتفسد بفساده. طالب فضيلته المسلمين بالتوبة أن العبد ينال درجه المحبوبية عند الله بكثرة توبته لأن الله يحب العبد الدائم التوبة وأن عبودية التوبة فيها من الذل والإنكسار والخضوع والتملق والتذلل إلى الله وهو أحب إلى الله من كثير من الأعمال الظاهرة وإن زادت في القدر والكمية لأن التذلل والانكسار روح العبودية. وحذر إمام وخطيب المسجد الحرام من محدثات الأمور في دين الله مؤكداً أنه يجب على كل لبيب ناصح لنفسه مريد الخير لها أن يبتعد عن الأمور التي لم يفعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً من الابتداع في دين الله.