دائماً هناك تصوّر ذهني يعطي مسببات حصول أي تتابع في مراحل تطورات مختلفة التوجهات بأنه رعاية، أو أيضاً استحداث قابلية اجتماعية، وبالتالي تبنى خطوات التقدم بتقبّلات اجتماعية أو حتى فردية.. هذا صحيح في الغالب العام.. لأن مستوى كفاءة الوعي الاجتماعي هو ما يوفّر قابلية تنوّع التطورات أو إعاقتها.. لنأخذ مثلاً واقع المجتمع السعودي المعاصر؛ لولا وجود مستوى وعي عام تمثله الأكثرية لتمكن انغلاق أقلية محدودة من إغلاق كفاءة الانفتاح الحضوري في مناسبات تعاون أثرية تاريخية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية مع أبرز دول الواجهات الحضارية.. هناك شعوب قادها وعيها لأن تفهم التطور فتمارسه.. وهناك شعوب كتمت مختلف قوى التخلف.. من طائفية أو قبلية أو عجز في القدرات الاقتصادية أو التعليمية.. كتمت فرص خروجها من دائرات التخلف وعياً أو القدرة اقتصادياً كي تلتحق بالزمالات الدولية.. وأمام معلوماتنا وواقع الأحداث في عالمنا العربي شواهد لا تنكر.. كيف بدأت الصحافة.. كيف تطورت؟.. صحيح أن الملك فيصل - رحمه الله - أسّس منطلق التطوير عندما صدر نظام المؤسسات الصحفية، وهذا النظام في أهميته لا يقتصر على فتح فرص التنافس القيادي صحفياً؛ ولكنه أوجد أساساً اقتصادياً تنطلق منه قدرات الصحيفة، ولذا أستغرب عندما تعرضت صحيفة يومية للتراجع والضعف «الندوة» أن يكون الحل دعماً مادياً وليس إعادة لتشكيل مجلس عضوية جديد طالما أن المجلس السابق عاجز عن المواصلة.. الصحافة القديمة.. ما قبل نظام المؤسسات وبالذات ما بدأ منها في السنوات الأولى من القرن العشرين أي قبل مئة عام.. تطرح بين أيدينا نماذج توثيق بأن تلك الإصدارات لم تتوفر بفعل رغبات وعي عام، أو دعم وعي عام.. حيث أن الوعي آنذاك وبالذات في المنطقة الوسطى والشمالية والجنوب باستثناء مكةوجدة والمدينة لم يكن يعطي للمواطن فرصة معرفة ماذا تعني كلمة صحيفة.. وما هو مدلول ممارسة صحافة؟.. في ذلك الزمن قبل المئة عام ثم ما بعده تدريجياً كانت نسبة مَنْ يقرأ الرسالة وليس الكتاب محدودة جداً.. إذن فإن أولئك الرواد هم مَنْ فتح للمواطن نوافذ معرفة لممارسة وعي وثقافة لم يكن يدري بها.. أريد في الحقيقة أن أشير إلى عبقرية جيل أولئك الرواد الذين تحمّلوا الكثير من المتاعب وربما الخسائر، حتى توجد بين أيدي المواطنين أوراق صحف تحدثّهم عن جديد الأخبار أو المعلومات أو جديد القصائد والمقالات، وهنا سنجد أن هذا الحضور قد سبق مهمات التأهيل لوجود منطلقات تعليم بدأت ببساطة متناهية جداً حتى تحولت في حاضرنا إلى جامعات تخصص علمية متعددة القدرات والعلوم.. أريد أن أحيي الزملاء في مجلس إدارة اتحاد الصحافة الخليجية الذين يديرون جهود هذا الاتحاد في جميع الدول الخليجية بفتح هذا الحضور على واقع تأسيس الصحافة الخليجية، وقد بدأت مناسبة التقدير هذه عام 2010 في البحرين، وكان المفروض أن تشهد الرياض في الربع الأخير من عام 2011 مناسبة تكريم رواد الصحافة السعودية؛ إلا أن توالي بعض الظروف أدى إلى التأجيل في هذا الموعد وهو اختلاف شهر واحد فقط..