أخبرني أحد الأصدقاء أنه في لقاء جمع عددا من أقاربهم.. أراد أن يمدح قريباً له عرف عنه سعة الاطلاع والمعرفة وقال هذا مثقف متميز، عندها قال ذلك الرجل.. رجاء لا تقل مثقفاً، وقد سألني هل أصبحت الثقافة تهمة، حينها أجبته أن الثقافة من المستحيل أن تكون تهمة، ولكن صورة المثقف للأسف تشوهت لتراكمات كثيرة، وأخبرته أن هنالك جدلاً حول كلمة مثقف وماذا تعني، والجدل سيستمر طويلاً، لأن هنالك نظرة نسبية يحددها كل شخص وفق رؤيته للمثقف والثقافة، على الرغم من أن دلالتها المتعارف عليها هنا هي الرجل – أو المرأة- الذي يمتلك حصيلة من العلم والمعرفة وهي شاملة بحيث يدخل ضمنها المبدع و المتلقي، بحيث يكون كل مبدع مثقفاً ولكن ليس كل مثقف مبدعاً، وصدقوني القضية أكبر من ذلك، بالذات في المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية، فها نحن نرى الممارسات الخاطئة من البعض، وتوجه كثير من المحسوبين على الثقافة بإطلاق الأحكام العامة التي قد تسيء لحركة الإبداع في المملكة، والاعتماد على ما يتناقله البعض من رؤى تجاه قضايا فكرية دون أن يمتلكوا القدرة على الإلمام بها ومعرفتها، إنني أحزن كثيراً على إهمال أعمال إبداعية من مجموعات قصصية ودواوين شعرية وعروض مسرحية وأفلام قصيرة، كل تلك الأعمال الإبداعية التي تحتاج أن تقرأ أو تشاهد وينطلق الحوار منها وحولها، تهمل وكأن لم يكن هنالك أي إبداع ويكون الجدل حول كلمات أطلقها البعض، وبكل تأكيد هذا الجدل يشوه المشهد الثقافي في المملكة، ربما نحن جزء من مشكلة هذا التشويه، فكما قلت في مقالة سابقة نحن لا نحترم إبداعنا فكيف نطالب الآخرين بأن يحترموا الإبداع، يجب أن يترفع الجميع عن الجدل الذي يتعلق بما قاله شخص ما كما يحدث في جمعيات الفنون التشكيلية والمسرحية، وأن يتجه الجميع إلى الإبداع، هل تتذكرون ذلك الجدل الجميل حول قصيدة تغريبة القوافل والمطر لمحمد الثبيتي –رحمه الله- وكيف تحولت إلى عرض مسرحي جميل قدمته جمعية الثقافة والفنون في القصيم تناغم فيه الجمهور مع الممثلين على خشبة المسرح يرددون مقاطعَ من القصيدة، كان ذلك في أواسط الثمانينيات الميلادية، في ذلك الوقت كان الإبداع هو المحفز للجدل الجميل الذي بقي خالداً..وقتها كان كثير من الناس يحرص أن يسبق اسمه كلمة أديب، ويفخر أن يطلق عليه أحد كلمة مثقف.. هل سيتغير الوضع؟؟؟.