بعد أن كانت إدارات المنتديات الشعرية الناجحة تتفنن في وضع الشروط المعقدة أمام الراغبين في التسجيل والقيود الخانقة على أعضائها، ومن قبلها المعاناة التي كان الشاعر يقابلها في محاولات النشر وإيجاد مساحة صغيرة لقصيدته في الصفحات الشعبية، أصبح الكل قادراً على التغريد ونشر كل ما يحلو له عبر (تويتر) الذي جذب الناس بمختلف شرائحهم واهتماماتهم برحابته وعدم اعترافه بلغة القص والمنع والقيود، وقد وجد فيه الشعراء الشعبيون مؤخراً ملاذاً آماناً يُمكنهم من نشر إبداعهم على نطاق أوسع واستقبال ردود الأفعال -التي لا تخضع لأي مؤثرات- بشكل مباشر وصريح. (شاعر البيتين) وصف أُطلق على بعض الشعراء الشباب من باب الانتقاص لهم لقصر أنفاسهم الشعرية .. وعدم قدرتهم على التميز إلا في كتابة البيتين أو الثلاثة التي تأتي غالباً قوية ومؤثرة ومدهشة، أما حين يكتبون قصيدة من سبعة أبيات فأكثر فإن قصائدهم تخرج عادية أو مترهلة وبعيدة كل البعد عن التأثير والإدهاش، لكن تويتر نسف مطلب التدفق الشعري والغزارة الذي طالما كان مقياساً نقدياً يتم بناءً عليه المفاضلة بين الشعراء وتقديم بعضهم على بعض، صحيح أن رحابته –أي تويتر- أجازت للشاعر الذي لا يجيد أسلوب التكثيف والإيجاز تقسيم قصيدته إلى أجزاء وعرضها للجمهور، إلا أن هذه القصائد لا يمكن أن يتم تداولها ولا قبولها مثلما يتم تداول وقبول البيتين اللذين يُكثف فيهما الشاعر أحاسيسه وتجربته أو الفكرة التي يرغب في إيصالها للمتلقي. ففي الماضي كان الشاعر يُهمل نشر أو إلقاء البيتين أو الثلاثة حتى لو كان على قناعة تامة بمستواها وقيمتها الأدبية والجمالية، والسبب هو أن الجمهور لا يرغب إلا في سماع وقراءة وتذوق القصائد المكتملة، أما اليوم ومع تويتر وقبله خدمة البلاك بيري ورسائل ال sms فقد أضحى للإيجاز ولأبيات الومضة السريعة بما تحمله من تكثيف وإيحاء القدرة على التفوق على القصائد المكتملة الأبيات من حيث قوة التأثير والانتشار، ولا أبالغ إذا قلت بأن ميدان التويتر يضمن التفوق لشعراء النفس القصير شعرياً مع عدم إغفال أهمية جودة السبك والمضمون، أو ما سماه الناقد القديم: "إجاعة اللفظ وإشباع المعنى"، لأن كتابة البيتين قد تغري الشاعر بمداومة الكتابة بشكل يومي رغبة في التواصل مما قد يوقع في السطحية وفراغ المضمون. أخيراً تقول المبدعة الفجر البعيد: ينتابني همّي على غير ميعاد والفرْح يوعدني وأنا ما لقيته ياما تواعدنا انتلاقى بالأعياد مرة نسى وعده ومرة نسيته