استوحي مقالتي هذه من النشر المكثف في صحافتنا المحلية عن واقعة اكتشاف تهريب الأمصال والأدوية من وزارة الصحة وسرقة كميات كبيرة من اللقاحات (الأمصال) والأدوية من مستودعات مديرية للشؤون الصحية في إحدى المحافظات، وذلك إثر تلقيها معلومات من مصادر رسمية عن ترويج بعض الأدوية والأمصال في السوق ولبعض المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة بعد طمس شعار التأمين الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي وشعار وزارة الصحة من مغلفاتها. وكف يد " ستة " من موظفيها. وأتمنى لو بحثوا عن ثلاثة آخرين ليصبحوا تسعة حتى يمكننا القول وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون. ووزارة الصحة كما نعلم من أقدم الوزارات في بلادنا. ولذلك إيجابيات كثيرة وسلبيات أكثر. فمن إيجابيا أي قديم أن يكون ذا خبرة، وقد عرفوا الخبرة بقولهم "إن الخبرة الأخطاء التي ارتكبها المرء في حياته". فيُفترض بها أن تعلم أين يكمن المصلح والمفسد، دون أن يكون لهيئة مكافحة الفساد(الوليدة) يد. أما السلبيات في الوزارات القديمة وصاحبات الفساد المعتّق والمرئي والمسموع، فيكمن ( قصدي الفساد ) في معرفة الدهاليز وأين يمكن التعشيش، أي أنها كالبيوت القديمة والآبار المهجورة لا يخاف منها ساكن الجوار إذا كان قد تعوّد عليها. وهيئات الرقابة وديوان المراقبة والمباحث الإدارية مثل "صُفّة المقبرة "، تخوّف.. وما فيها غير اللبِن (بكسر الباء). فالذين عايشوا وزارات قديمة يعلمون بخفايا الدخول والخروج أكثر من كل الأشباح والسحرة والمنجمين وضاربي الودع. أما الستة الذين كُفت أيديهم فلن يضرهم أو يضيرهم كف اليد فعندهم من المال الكثير. ثم إنهم كالأخطبوط بعدة أيادي. فإذا كُفّت يد قام " بالدور " من يليه في التنظيم العنقودي فالمسالة ليست كما يتصوّر السّذّج أعمالا فردية يأكل منها واحد، بل مائدة ضحكت على غينيس للأرقام القياسية ونحن غافلون. والمسألة هنا وجود فلان الفلاني بوظيفة ما. وحتى لو كان مردودها متواضع، فهو "بخير"، لأنهُ أُريد له أن يبقى مدير (...) أو رئيس لجنة (... ). وحتى لو كفّت يده أو طرد أو سُجن فله من يدعو له بفك أسره.. !. نعم. جاء إلى الوزارة منذ تأسيسها في بدايات تنظيم الإدارة في الوطن. رجال وهم إن شاء الله كذلك، لكن يبدو أنهم "ما يشمون راحة ايدهم" أو أن حلاوة المنصب تخلق على قلوب أقفالها ، وتُعمي الأبصار.