زيارة واحدة إلى «مستشفى الملك فهد بالهفوف» تكفي أن تشعرك بأنك تدخل مبنى مهترئاً، لا يعمل به عدد كافٍ من الأطباء، رغم أن المستشفى يخدم نحو مليون ونصف المليون نسمة في الأحساء، ناهيك عن خدمة المسافرين على طريقين دوليين يربطان المملكة بدول الخليج، ويشهدان حوادث مرورية متكررة، إلاّ أن ذلك لم يشفع أن يحظى «مستشفى الملك فهد بالهفوف» باهتمام تطويري من قبل وزارة الصحة.. «الرياض» بعد ان تلقت عدداً من اتصالات مراجعي المستشفى منتقدين سوء خدمات المستشفى، وقلّة الكادر الطبي.. توجهت إلى المستشفى ميدانياً خلال هذه الجولة. ضيق المكان حتماً ستصدم وأنت تضع قدمك في المحطة الأولى في طوارئ المستشفى، ستشعر أنك في مكان آخر تماماً، لا يوحي أنه مستشفى، لا من حيث التجهيزات، والمساحة، ولا البيئة الطبية، فهو مكان خصب جداً لإصابتك بالمرض بدلاً من العلاج، وسبب ذلك كله ضيق المكان والزحام الشديد من المراجعين الذين يتحملون جزءاً من سببها كون بعضهم يراجع الطوارئ وحالته لا تستدعي ذلك، وإنما يأتي هرباً من العيادات الخارجية، ولكن الصدمة الأكبر تكمن في أن مكان الفحص الطبي للمرضى، هو ذات مكان "انتظار" المرضى في مساحة لا تتجاوز 4×4 مزدحمة بأعداد كبيرة للمراجعين، وخصوصية المريض لا يقام لها أي اعتبار، كون الفحص يتم أمام أعين العشرات. انتظار خارجي رغم أن المكان مكتظ بالمراجعين، أصرت إدارة المستشفى وبصورة غريبة على وجود كافتيريا لبيع المأكولات والمشروبات، وذلك في صالة الانتظار والكشف الطبي في آن واحد، وهي التي بالكاد تكفي المراجعين، بل أن أغلبهم يكون واقفاً على قدميه، بينما وضعت مقاعد الانتظار خارج المبنى دون مراعاة للمرضى بوضعهم في الهواء الطلق وهم يعلمون عن الظروف المناخية المتقلبة، وفي القسم النسائي، الوضع ليس بأحسن حال من القسم الرجالي، حيث تجد المريضة صعوبة بالغة في غرفة الكشف الطبي بمساحتها غير المعقولة إذ تبلغ أطوالها متراً ونصف طولاً ومثلها عرضاً!، وناهيك عن صغرها، فإن بيئتها غير صحية طبياً، كما ذكرت "أم محمد" أنها اضطرت للجلوس أرضاً في انتظار دورها لمدة 35 دقيقة بسبب صغر المكان وعدم وجود مقاعد كافية. زحمة زادت من ألم المرض تقليص الأمن الصناعي ويبدو المشهد المعتاد، ازدحام ممرات الطوارئ بالمرضى المنتظرين بمختلف الأعمار، كما تقلص رجال الأمن الصناعي، بعدما قلصّوا عددهم في العقد الجديد المبرم مؤخراً، كما يفتقر لأخصائي اجتماعي، وشاشات للتثقيف الصحي، وفيما يخص الطاقم الطبي، توجهت "الرياض" بحثاً عن طبيب مختص في طب الطوارئ، فكانت الإجابة "لا يوجد"، في الوقت الذي أسّر فيه أحد الأطباء الاستشاريين في المستشفى ل"الرياض" أن أطباء استقبال الحالات في قسم الطوارئ غير مدربين على التعامل مع الحالات الطارئة مثل الجلطة، مبيناً أنهم لا يتعاملون مع الحالات الخطيرة وفق الخطوات الطبية. ممرضون منهكون همس ل"الرياض" أكثر من ممرض يعملون في قسم الطوارئ مبدين استيائهم من وضعهم الوظيفي في المستشفى، مؤكدين على أنهم يعيشون وضعاً وصفوه بالصعب والمتعب جسدياً ونفسياً، كونهم يداومون ثمان ساعات يقضونها كاملها وقوفاً على أقدامهم دون الجلوس، قائلين: "عددنا لا يتجاوز ثلاثة في ساحات الاستقبال، فمستشفى الملك فهد بالهفوف يستقبل أكثر من 700 حالة يومياً، في الوضع الطبيعي، ويرتفع الرقم ليبلغ أكثر من 1000 حالة يومياً أيام الإجازات، وعطل نهاية الأسبوع، هذا غير الحوادث، والإصابات والمرضى لا يخدمهم في ساحة الاستقبال الرئيسية سوى ثلاثة ممرضين على الحد الأعلى وفي بعض الأحيان لا يوجد سوى ممرضين فقط!". مرضى ينتظرون دورهم لدى الطبيب قياماً وجلوساً رغم آلامهم طاقات معطلّة في الوقت الذي يعاني فيه الممرضون العاملون في الطوارئ من الإعياء الشديد جراء تحملهم أعدادًا كبيرةً من المرضى والمصابين، وتغير أوقات الدوام بين الليل والنهار دون أن يكون لهم أي بدلات، يعاني ممرضون آخرون يعملون في أقسام "التنويم" من الجهد، فيما يتمتع عشرات الممرضين والفنيين بالعمل المكتبي والسكرتارية، رغم أنهم يعملون على "الكادر الفني" في مخالفة صريحة للنظام، وبهذا يحرم المرضى من خدمات هؤلاء!. دعم ضعيف يضم مستشفى الملك فهد بالهفوف بين جنباته 50 استشارياً سعودياً في كل التخصصات، ومؤهلين تأهيلاً مهنياً عالياً، ويقومون باجراء أعقد العمليات وأصعبها، انسجاماً مع ما يحظى به الكادر الطبي السعودي من دعم وتحفيز من قبل الحكومة، إلاّ أنه لا يوجد سوى طبيب أطفال واحد، وطبيبين متخصصين في الشرايين وأجهزة الدورة الدموية. وشكا ل"الرياض" عدد من الأطباء ذكروا أنهم يتحملون عشرات أضعاف طاقتهم، خصوصاً أن المستشفى يستقبل الحالات من جميع المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية والخاصة، وكذلك الحوادث، مرجعين تسرب بعض الأطباء المواطنين إلى مستشفيات خاصة في الدمام، بسبب حجم العمل الذي لا يطاق في مستشفى الملك فهد بالهفوف، مطالبين وزارة الصحة أن تُعير معاناتهم اهتماماً أكبر، وأن توّفر طواقم طبية إضافية على مستوى عالٍ من الكفاءة، منوهين أن كل شخص أياً كانت مهنته، له طاقة يتحملها، ثم تنفذ، فيؤدي الحد الأدنى من العمل، وينعكس ذلك على مستوى عمله، وفي الصحة يدفع ثمن ذلك المواطن المريض، فيما تساءل مواطنون: "إذا كان مستشفى الملك فهد بالهفوف هو الواجهة الطبية بالنسبة لنا بحكم توفر الأطباء السعوديين المميزين.. إذا كان هذا وضعه فإلى أين نذهب؟". المبنى العجوز ويصف بعض منسوبي المستشفى حال المبنى ب"العجوز"، مؤكدين على أن البنية التحتية للمستشفى قد انتهى عمرها الافتراضي منذ زمن بعيد، مضيفين: "تحولت غرف وأروقة المستشفى إلى مكان خصب لانتشار الفيروسات، كما حصل قبل عامين عندما اكتشف فيروس خطر سبب أزمة معقدة، وأخذ وقتاً طويلاً قبل التخلص منه. تباطؤ صحة الأحساء تحولت أسرّة المستشفيات الأخرى إلى أصناف حديثة و"رقمية"، بينما لا تزال أسرّة مستشفى الملك فهد عتيقة، يذكر أن "وزارة الصحة" قد خصصت قبل نحو ثلاثة أعوام ميزانية تقدر ب150 مليون ريال؛ لصيانة مستشفى الملك فهد، وأمضى مسؤولو صحة الاحساء حينها وقتاً طويلاً في التباطؤ تارةً، والتردد مرةً في كيفية الصيانة، حتى تم سحب المبلغ، فظل المستشفى يحتفظ بعلاته، ليدفع المواطن بهذا أخطاء جسيمة ارتكبها بعض المسئولين. قسم طوارئ معطل يشار إلى أن قسم الطوارئ الجديد الذي تم الانتهاء منه منذ فترة ليست بالقصيرة، لم يتم افتتاحه، بل أوقف التأثيث نظراً لوجود مشاكل فنية متعلقة بسعة الابواب، كما شهد الجسر الرابط بالمستشفى تسريب مياه، إلى جانب عدم توفر طاقم طبي للتشغيل مما أوقف افتتاحه، رغم أنه يستقبل أكثر من 700 حالة يومياً، فكيف تقبل الوزارة بمثل هذه الوضعية!. ويرى عاملون في المستشفى أنه لم يعد يصبح صالحاً إطلاقاً للاستخدام، مطالبين "وزارة الصحة" بسرعة تجديده، وإعادة مشروع الصيانة السابق، لاسيما أن مبنى المستشفى قد تجاوز عمره ال35 عاماً دون أن تجرى له صيانة حقيقية. يذكر أن "الرياض" أوصلت تساؤلات المواطنين عبر تقرير إلى مدير العلاقات العامة في الشئون الصحية بالأحساء، إلاّ أنه لم يتجاوب، رغم مرور خمسة أيام على تسليم التقرير!.