السوريون الثوار، لا يعولون على فريق التفتيش العربي، والمعارضة لم تتفق على قواسم مشتركة، والتفجيرات الأخيرة تؤكد أن السلطة بدأت تنفيذ عمليات قتل جماعية بمواقع تختارها وتنسب ما يجرى للقاعدة، أو أي شبح لا يوجد إلاّ في مخيلتها بدليل أن تفجيري دمشق الماضيين لم تعرض السلطة أي وثائق تدين طرفاً آخر.. ما حيّر النظام العجز التام عن قهر الشعب الذي وصل إلى اجماع تام بأن الحرية، حتى لو كان ثمنها الموت، فهو مبرر مصيري لا يختلف عليه أحد، ولذلك فالمحاولات بكسر عظام الشعب ولدّت بطولات غير مسبوقة في كل الثوارت العربية المعاصرة، باستثناء ليبيا التي لم يتم حصر قتلاها، سواء من نظام القذافي أو قوات حلف الأطلسي.. اعتماد سياسة التفجيرات من قبل السلطة، سيدفع بالطرف المعارض استخدام نفس السلاح، وهو ما يتوافق مع طبيعة القتل المتبادل أسوة بما يجري في العراق وجرى في بلدان عربية أخرى، لكن الخشية تأتي من استبدال استراتيجية المعارضة إلى الأخذ بطرق الاغتيالات أو من داخل مفاصل النظام، إذا ما تدهورت الحالة الاقتصادية لتقود إلى يأس يؤدي إلى التصفيات بين أصحاب الخط الواحد.. فريق المفتشين الذي استقبله السوريون بالترحيب، بدأوا يفقدون فيه الأمل حتى ان ما قيل عن رئيس الفريق مطالبته فتح الحوار بين الفرقاء، أو يتعدى مهمته التي جاء من أجلها، وأي فشل عربي، يعني عجزاً كلياً عن تقوية دور الجامعة والسلطة السورية هي من يحتفل بقصور عملها، لكن هل تسير الأمور لصالحها؟.. حتى مع فشل لم شمل المعارضة، فالشعب هو من يقرر النتائج، ومع أن الحكم استعمل أدواته المحرمة كلها، وأنه لا يوجد في الساحة إلا الخصومة العربية التي أدخلت مراقبيها، فالموقف الدولي لن يظل بلا عمل، ليس لأن المشكل إنسانياً يفرض واجب إيقاف الجريمة على الشعب السوري، بل الخشية من تداعيات تضر بأمن إسرائيل التي تراقب بحذر، ولكنها تخشى أن تدخل مرحلة وجود حزام إسلامي يمتد من مصر للأردن، لسوريا ومحيط لهذه الدول يتكون من ليبيا وتونس وربما الجزائر فالسودان.. فإخوان سوريا، هم القوة الجاهزة لتولي الحكم، ولا يتطابقون فكرياً ولا على توافق مع ثورة إيران التي يرون فيها داعماً أساسياً لحكم طائفي، والمجتمع الدولي ليس بيده قهر الاتجاهات الشعبية في بلدان الربيع، وسوريا قد تكون الأكثر خطراً لو جاء الإسلاميون بذراع القوة التي قد لا تكون حيادية في احتلال الجولان، لكنهم أي (الغربيون والأمريكان) يجدون أن قطع الطريق على إيران يساعد في تقليص نفوذها، وسيكون حزب الله بلا غطاء قريب، أو جهة موصلة له العتاد والمال.. سوريا نقطة التقاء لأزمات كثيرة، لكنها إذا ما تحررت من النظام، ستكون إضافة كبيرة للقوة العربية، وفي المشرق تحديداً..