تفاقم انشغال بعض الطلبة المستخدمين لأجهزة الهواتف الذكية خلال فترة الاختبارات، ووصل ذروته وربما كما يصفها البعض «غلا عليهم»؛ لدرجة أن كثيرا من محاولات الأسر فشلت تماماً؛ بحجة أن الطالب يحتاج إلى هاتفه للتواصل مع زملائه أثناء المذاكرة. حالة التواصل «أون لاين»، التي يعيشها الطلاب مع البلاك بيري -رفيقهم الدائم- تُشعر من حولهم بأنّهم ليسوا على موعد مع اختبار نهائي في الغد، وصوت منبّه «البرودكاست» الذي لا ينقطع، والمحادثات والدردشة التي لا تتوقف واجب يومي لا يمكنهم التخلي عنه، وهذه السلوكيات حتماً ستؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي في فترة «جني ثمار موسم الحصاد الأول». «الرياض» استطلعت آراء متعددة للوقوف على تأثير هذه الأجهزة في فترة المذاكرة والاستعداد للاختبارات. قرار المنع الموقت في البداية تحدثت السيدة «وداد العنزي» وقالت:» لا شك أنّ وجود هذا الكم من الأجهزة الإلكترونية بأيدي أبنائنا الطلبة صعب في هذه الفترة، ولم يعد بقدرة الأهل إحكام السيطرة على تعلق أبنائهم بتلك الأجهزة، والتي أفقدتهم الإحساس برهبة الاختبارات وبمسؤوليتهم في إتمام المذاكرة والمراجعة، وقد تساهلت في الشهور الماضية مع أبنائي أثناء الامتحانات الشهرية، وكانت نتيجة ذلك انخفاض درجاتهم، وبدأت حينها بتحذيرهم ولهذا كان قرار المنع الموقت من استخدام تلك الأجهزة هو الحل، ورغم اعتراضهم البالغ في البداية إلاّ أنّهم اقتنعوا بصعوبة، وبدأت ساعات المذاكرة والمراجعة تزيد على السابق». لا يمكنني الاستغناء وأكد «محمد البحيصي» -طالب- على أنّ الأجهزة أصبحت الآن أساسيةً في حياة الجميع، ويفترض أنْ يكون الطالب الجامعي قد وصل لمرحلة نضج تجعله ينظم أوقاته وأولوياته، ويعرف متى يستفيد من كل التقنيات في دراسته بالانضمام إلى «تجمعات الطلاب الالكترونية»، والتي تهدف إلى تبادل المعلومات المهمة حول الاختبارات، ويكفي أن يخصص الطالب من وقته ربع ساعة إلى نصف ساعة يوميا لهذه التجمعات، مشيراً إلى انّه يمكن الاستغناء عن مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي، وقد حرص على الإفادة من تطبيقات «الآيفون والبلاك بيري والبرودكاست» في تخصصه الدراسي. محمد البحيصي ضريبة الانشغال وقالت «حسناء عبد الرحمن» -طالبة جامعية -: إنّ الارتباط بجهاز «اللاب توب» وخدمات التواصل على «البلاك بيري» أثّر بشكلٍ كبير على تحصيلها الدراسي، وأنّها حالياً تدفعُ ضَريبة إهمالها وتقصيرها منذ بداية الفصل الدراسي الأول، مستبعدةً في الوقت ذاته فكرة الاستغناء عن الأجهزة باعتبار فترة الامتحانات تستمر لمدة أسبوعين فقط، وهي فترة مليئة بالضغط النفسي الذي يجعلها تبحث عن دقائق للترويح عن النفس بتبادل رسائل تحاكي أيام الاختبارات، والتي لا تخلو بطبيعة الحال من الجانب الفكاهي الذي يكسر حدة تلك الأجواء المملة، بالإضافة إلى زيارة المواقع والمنتديات، ولاسيما تلك التي يكون فيها تجمع طالبات الجامعة لطرح بعض التساؤلات والمراجعات. «مضيعة للوقت» أمّا «بسام الغنامي» -طالب- فيُشير إلى انّه في استعداداته لفترة الامتحانات تصفح مواقع للبحث عن بعض المعلومات التي تتعلق بمواد دراسته، ولا يرى ضرورةً لاستخدام «البلاك بيرى» أو غيره من الأجهزة في فترة الامتحانات؛ لأنها «مضيعة للوقت»، وتعمل على تشتيت تركيز الطلبة، مبيناً بأنّه على استعداد تام للاستغناء عن كل شيء قد يؤثر على مذاكرته لهذا قام بوضع جهاز البلاك بيري في حقيبة السفر واكتفى بجوال متواضع التطبيقات. ويوافقه الرأي «زيد القحطاني» - طالب إدارة عامة في قسم الخدمات الصحية والمستشفيات بجامعة الملك عبدالعزيز-، وقال: «تركيزي في هذا الوقت على النجاح فقط، وليس لدي وقت أو ضرورة تستدعي تركي للمذاكرة وتصفح البلاك بيري أو دخول الفيس بوك، ونصيحتي لجميع الطلاب والطالبات مستقبلكم التعليمي أهم من غيره». بسام الغنامي مصدر إزعاج فيما قالت «سامية محمد» -طالبة في السنة التحضيرية-: «لقد مر الفصل الدراسي سريعاً، دون أن أتمكن من مذاكرة جميع المواد أو حتى البدء في مراجعتها فقد سرق البلاك بيري وقتي واهتماماتي، مشيرةً إلى أنّ فترة الدخول في أيّام الامتحانات الفعلية تدفع مستخدميه إلى إرسال سيل من الرسائل، وبذلك يتحولون إلى مصدر إزعاج لمن يحاول التركيز في مذاكرته، وبالرغم من ضعف محتوى تلك الرسائل إلاّ أن بعض الطلبة يبالغون في الانشغال بها، والحرص على تبادل التعليقات وإعادة إرسالها من جديد، لدرجة أن الوقت يمضي وهم مازالوا عند الصفحات الأولى من الكتاب أوحتى الملخص فيضيع الوقت وهم مابين تقليب الأوراق واستشارات الأصدقاء. وأضافت: «أحاول حالياً المذاكرة بعمق وتركيز، وعدم الاستغناء عن «البلاك بيري» واكتفيت بالإشارة في البروفايل إلى طلب عدم الإزعاج، ومع ذلك أتلقى بين الحين والاخر بعض الاتصالات من صديقاتي، والتي أتوقع قبل الرد عليهن أنهن يبحثن عن معلومة تختص بمادة الاختبار، إلاّ أنّي أتفاجأ بأنّ احداهن تسأل وين وصلتي، وأخرى تسأل وين تقضي الإجازة، وماهي توقعاتك للأسئلة، وغيرها من الحوارات التي لا تفيد». نخدع أنفسنا من جانبها قالت «مريم علي»: «في كل مرة أقرر في نفسي أن أبدأ المذاكرة بكل تركيز وهدوء أفشل؛ بسبب صوت منبه الرسائل الإلكترونية الذي لا يتوقف طوال اليوم، ومع أني أشعر بأن العد التنازلي قد بدأ، إلاّ أنّي لا أستطيع أنْ أستغني عن خدمات التواصل في البلاك بيري، كونها أصبحت الوسيلة الوحيدة التي أتواصل من خلالها مع صديقاتي، للبحث عن كل الإجابات والملاحظات التي تتعلق بمادة الامتحان، موضحةً أننا نخدع أنفسنا أولاً، ونوهم من حولنا بأننا منشغلون بالمذاكرة والمراجعة، ونحن في حقيقة الأمر ضايعين، وفي انشغال تام مع تلك الأجهزة منذ بداية العام، ولا نعرف شيئاً عن المواد الدراسية، ولهذا نحاول الآن ملاحقة المتفوقات، ولكن للأسف لا يتجاوبن مع ما نطرحه من أسئلة. زخم في المنتديات وبيّن «محمد العجمي»- مدير منتدى وتجمع طلابي وطالب بقسم الإعلام- أنه يكتفي بتصفح المنتديات لمتابعة تواجد الطلاب والطالبات بشكل يومي وتوجيه المراقبين والمشرفين على تقديم المساعدة لهم، ولا يستخدم البلاك بيري في هذا الوقت حتى نهاية الاختبارات، مؤكداً على الحضور الزخم للطلبة والطالبات في منتديات التجمعات الطلابية، وأحياً يصل عدد زائري المنتدى إلى أكثر من (12) ألف زائر باليوم، لأخذ المعلومات عن الاختبارات والملخصات وتبادل المعلومات واستشارة الطلاب السابقين.