لم تكن عملية الفرز ظاهرة في سلوكيات السعوديين وهم يتجهون لمحل حلاقة في ثمانينيات القرن الماضي ، فأقرب حلاق يمكنه أن يقوم بالمهمة في تلك المرحلة ، لكن تنامي الوعي ، وتطور الخدمة في مجال الحلاقة قد جعلت السعوديين يتريثون قليلا قبل الدخول إلى أحد المحلات وخصوصا ان هناك آلافا منها تنتشر في الأزقة والشوارع ، حتى بات للسعوديين حلاقون من جنسيات معينة . منذ مطلع التسعينيات الميلادية بدأ علم تركي يظهر على واجهة بعض محلات الحلاقة بالرغم من أن الأتراك كانوا منذ وقت مبكر في البلاد ، ثم بدأت عبارة يوجد حلاقون أتراك تبرز على واجهاتها كذلك..رويداً رويداً حتى انفرد الأتراك بمحلات الحلاقة الراقية ، ووصل التنظيم في هذا المجال إلى حد الحلاقة بموعد مسبق في ظل إقبال الشباب على التعامل مع حلاقين بعينهم ، مدفوعين بهاجس الصحة وخوفاً من العدوى ، بالإضافة إلى المهارة التي يتمتع بها الأتراك في هذا المجال..لكن انفراد الأتراك بأغلب محلات الحلاقة الراقية لا يعني عدم وجود منافسين ، ففي الوقت الذي تراجع الحلاقون الآسيويون إلى أن أصبحوا يحلقون لأبناء جلدتهم ، وفي ظل شبه غياب الحلاقين العرب ، بقي المغاربة هم الذي ينازعون الأتراك على ريادة هذا القطاع ، إلا أن قلة عددهم تمنح الأتراك فرصة كبيرة لتبوّء طليعة الحلاقين في البلاد. الأتراك عرفوا كيف يستقطبون عملاءهم من السعوديين ، فهم يظهرون قدراً كبيراً من الاحترام لهم ، ويمدون معهم جسوراً من الصداقة والعلاقة الطيبة ، ويقدمون خدمة تتمتع بالنظافة والمقدرة على الوصول إلى رضاء العميل ، وتلك عوامل لا يبحث السعوديون اليوم عن سواها . يأتي هذا في الوقت الذي تقدر الإحصاءات أن الحلاقين الأتراك يهيمنون على 60% من محلات الحلاقة في العاصمة الرياض والتي يقدر عدد محلات الحلاقة بها بحوالي 8000 محل ، وبالرغم من أن تلك "الصوالين" التي يحمل بها غالبية الأتراك تعد من الدرجة الأولى ، إلا أن أسعار الغالبية العظمى منها هي في الحدود الطبيعية لأسعار الحلاقة ، فحلاقة الذقن بخمسة عشر ريالا ، وهو ما جعل الإقبال عليها كثيفاً من شريحة الشباب على وجه التحديد ، وقد دعم تلك الأسعار توجه كثير من العملاء إلى شراء أدوات الحلاقة الخاصة بهم ووضعها في حقيبة لدى محل الحلاقة ، مما يعني أن أولئك العملاء لا يكلفون المحل سوى جهد عامل الحلاقة . الجدير بالذكر أن عدد العمالة التركية يقدر بأكثر من 100 ألف عامل جلهم يعملون في محلات الحلاقة والمطاعم وورش صيانة السيارات.