رحل العالم الجليل الدكتورعبد الله بن نصارالوهيبي، رحمه الله، الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الماضي خارج المملكة والفقيد يعرفه الوسط الثقافي عالماً يجلله التواضع ويزينه "صمته" المعروف عنه، ولقد لمست شيئاً من تقدير الناس له، عند حضوره، رحمه الله، لمجلس الوالد الشيخ حمد الجاسر، رحمه الله، إبان حياته، وحرصه على حضور "خميسيته" بعد وفاته، فقد رأيت الفقيد مراراً يحضر بهدوء ويحرص على الجلوس حيث ينتهي به المجلس، ويرفض أن يقدم أو يميز عن غيره، رغم مكانته الأكاديمية ومحبة الحاضرين له. الفقيد كان يحرص على حضور "الخميسية" والحديث لمن يحضرها ولكن كلما دعوته لإلقاء محاضرة فيها، قال مبتسماً: ما عندي شيء؟ وإذا كررت الطلب عليه قال بصوت يجلله العلم: (بعدين) واتذكر جيداً أنه حضر آخر خميسية، في الموسم الحالي، وقد غادرها مبكراً كعادته دون أن يشعر به أحد. وقد غادرنا الفقيد، دون أن يخرج عن صمته المعروف عنه، لكن الدكتورعبد الرحمن الشبيلي، أفلح في كتابته عن الفقيد، عندما كتب "وهو المتابع للحركة الثقافية وللجديد في نتاج الطبع والنشر والحريص على حضور ندوة أستاذه الشيخ حمد الجاسر ضحى كل يوم خميس والعالم الذي لا يبخل بمعرفته ويتبنى حاجة الباحثين حتى يلبيها ويحققها لهم دون منة أو جلبة أو تظاهر، وهو المرجع بتواضع لمن تعترضه مشكلة أو معلومة ناقصة، أو العثور على كتاب نافد، أو خلاف علمي تراثي، فهو وإن احتجب عن التظاهرات الاجتماعية والثقافية، فإنه لا يحجب نفسه عن خدمة الباحثين، أو متابعة ما يدور في الساحة الثقافية والتراثية من مستجد، أو قديم مبعوث من جديد. رحم الله أبا ناصر، العالم الجليل، فقد كان "صمته" يزينه وتواضعه يجلله، إنه نموذج يذكرنا بسلف الأمة في زمن القامات المزيفة والضجيج الفارغ. * مدير مركز حمد الجاسر الثقافي والمشرف على الخميسية