قرأت بمزيد من الغبطة خبر إنشاء كلية تطبيقية أهلية سعودية ألمانية في سدير، وقد زرت منطقة سدير قبل أربعين عاماً حين كنت أعمل في وزارة الزراعة، ولفت نظري أن معظم السكان إما شيوخ أو أطفال، أما الفتيان والشباب فقد رحلوا فيما قيل لي إلى المدن للدراسة والعمل، ومن يرحل لا يعود إذ لن يجد عملاً في سدير، ولكن يبدو أن بعض سكان المنطقة تنبهوا لوضعها فعملوا على إقامة صناعات وورش فيها ومدينة صناعية، وهذا هو السبب كما قال فهد المعمر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الرياض في توجه الغرفة إلى إنشاء الكلية في سدير ، إذ أن هناك مصانع وورشاً يتدرب فيها الطلبة ويعملون فيها بعد تخرجهم، وبذلك لا يهاجرون إلى المدن التي أصبحت تضيق بسكانها وتفتقر إلى فرص العمل فيها، واختيار جامعة بريمن الألمانية لتكون شريكاً في الكلية سيحقق لها النجاح إذ ستسهم الكلية الألمانية بخبرتها ومدربيها وبذلك لا تتكرر مشكلة الكليات التقنية الفاشلة التي اعتمدت على مدرسين ومدربين لا تتوفر لديهم أي خبرة عملية ولم يعمل أحدهم في ورشة أو مصنع وليس لديهم ما يقدمونه سوى الدراسة النظرية، وهو ما نلمسه في افتقار الخريجين إلى الخبرة التطبيقية كما شكا لي غير واحد من أصحاب المصانع، وقد صرح المعمر أن الكلية ستتحول إلى جامعة، وهذا خطأ كبير وتبديد للأموال إذ لا تحتاج منطقة سدير إلى كليات نظرية والأفضل أن تتخصص في نوع من التعليم التطبيقي كأن تنشئ كلية لتقنية المعرفة بالاشتراك مع معهد هندي وهذه الصناعة - أي تقنية المعرفة - تتوفر موادها الخام في سدير وباقي المناطق التي لا تحتوي على موارد طبيعية وهذه المادة الخام هي العقول ثم إنها صناعة لا تحتاج إلى أن تكون قريبة من الأسواق في المدن، إذ أن أسواقها تصل إليها عبر الأقمار الصناعية، أي أنها يمكن أن تقام في سدير نفسها، وهذا نموذج يجب أن تحتذيه باقي مناطق المملكة التي توجد فيها زراعة أو صناعة وبذلك تنتشر التنمية في كل مناطق المملكة ولا تقتصر على المدن كما هو حادث الآن.