دعوني أعترف أولا بأن الفضل في فكرة هذا المقال يعود لانسان مجهول كتب كلاما رائعا عن الفرق بين "الظن" و"حسن الظن" ودورهما في سعادة وشقاء بني الانسان.. "وأقول (مجهول) لأنه بعثه عبر الإيميل دون التعريف بنفسه". فهناك حديث قدسي يقول فيه الله عز وجل "أنا عند ظن عبدي بي" ولم يقل: أنا عند (حسن) ظن عبدي بي. والفرق بين الاثنين كبير.. فالجملة الأولى (والكلام لي) تتعلق بحالة الظن عموما سواء كانت سلبية أم إيجابية.. أما الجملة الثانية فتتعلق بحسن الظن فقط، وحقيقة أنها جزء من حالة الظن العامة والمطلقة. وهذا يعني - حسب الحديث القدسي - أن الخيار في أيدينا نحن هل نحسن أم نسيء الظن بالله.. فحين تتوقع سير حياتك بشكل جيد وإيجابي يعطيك الله بقدر حسن ظنك فيه "وعلى نياتكم ترزقون".. وحين تسيء الظن وتصبح سلبي التفكير وتتوقع الأسوأ دائما ستتحقق أسوأ مخاوفك على أرض الواقع وتصبح مثالا لسوء الظن بالله! وتحكمنا بكلا الخيارين يذكرنا بما يعرف في علم النفس ب (قانون الجذب أو التوقع).. وهذا القانون مفاده أننا نجذب لأنفسنا الأحداث والأشخاص والظروف التي تتناسب مع تفكيرنا وتصورنا للحياة. فبالإضافة للحديث القدسي يؤكد علم البرمجة العصبية أن تكرار وتصور الأهداف الإيجابية يساهم في تغيير الظروف حولك.. طالما كنت متفائلا باتجاه تحقيقها.. فنحن في النهاية مجرد نتيجة ومحصلة لما نفكر فيه ونعتقده ونؤمن بحدوثه.. فكلما آمنا بالفوز والنجاح كلما تواكبت الظروف من حولنا لتحقيق هذا الهدف. وكلما شعرنا بالتخاذل والتراجع والانهزامية كلما واجهتنا عراقيل وعقبات لم تخطر على بال (مثل أي فريق رياضي لا يثق بالفوز فينهزم فعلا). ومن خلال دراسة سير الناجحين في الحياة اتضح أنهم لم يكونوا ناجحين في التحصيل الدراسي بقدر ما كان موقفهم من النجاح إيجابياً وتوقعاتهم لما سيكونون عليه واضحة ومتفائلة ومشرقة.. وأنا شخصيا على قناعة بأن قدرة أفكارنا ومواقفنا على تغيير الأحداث من حولنا ظاهرة لاحظها عامة الناس في الماضي والحاضر.. وهذه الحقيقة تتضح من خلال الأمثال الشعبية التي يتداولها الناس أنفسهم مثل قولهم: اللي يخاف من الجني يطلع له، وتحدث عن الذيب وجهز العصا، والقول المأثور: تفاءلوا بالخير تجدوه، ومثل برازيلي: ما تؤمن به اليوم تجده غدا، ومثل صيني: حياتنا أفكار نرغب بها بقوة.. أضف لكل هذا حديث للمصطفى صلى الله عليه وسلم يصب في نفس المعنى: "لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا"! وأكاد أجزم أنك شخصيا مررت بمواقف شعرت فيها بثقة كبيرة بالفوز ففزت فعلا، أو بالفشل ففشلت فعلا.. والسر هنا يكمن في وجود علاقة قوية بين أفكارنا والظروف التي تتشكل حولنا (حتى قيل ان العالم يتشكل من أفكار مجسدة).. لهذا السبب يجب أن تتخيل بشكل دائم الحالة الايجابية التي تريدها لنفسك وتحاول تغيير الظروف من حولك من خلال (أولا) حسن الظن بالله، (وثانيا) تكرار الرسائل المشجعة وتخيل المواقف الإيجابية في حياتك.. (فأنت بصحة جيدة على الدوام، وستصبح ثريا قبل سن التقاعد). وتفاءلوا بالخير تجدوه..