كنت أظن في السابق أن الأساطير والخرافات الثقافية الدائرة بيننا من اختراع سعودي. كنت مطمئنا أن دعاتنا الأفاضل يتوفر في عقولهم قدر من الخيال الفني. مع الأسف خاب ظني. منطقي هذا يشبه منطق صديقي. يسمع صديقي أن هناك مقاولين غير سعوديين يحصلون على مليارات فيقول متحسرا: أنا لا يهمني أن تكون المقاولة غشا في غش، لكن على الأقل أن تروح اللطشة لتاجر سعودي. أحشف وسوء كيل. نفس المنطق ينتابني عندما أتأمل في مجموعة الخرافات الثقافية المتفشية في المجتمع. بالصدفة عرفت الحقيقة. تبين لي أن معظم المعلومات الخرافية عن الغرب التي يرددها الدعاة في المملكة من اختراع الأخوان المسلمين من مصريين وسوريين وغيرهم. من سوء حظ أخواننا أن الأخوان المسلمين تخلوا عن هذه الدعاوى. أنظر شعارات الغنوشي والأخوان المسلمين في مصر. يكاد البسطاء من الناس أن يصدقوا أن المرأة في الغرب تبكي للعودة إلى البيت (مملكتها) التي حرمت منها المسكينة. نسمع أيضا أن الغرب حول المرأة إلى سلعة. لا أعرف أي غرب يتحدثون عنه. إذا كان المعني بالغرب تلكم الشعوب الساكنة في أوروبا وأمريكا، فهذا الغرب لا علاقة له بما يردده الدعاة. في الواقع صارت المرأة في الغرب سيدة نفسها. يكفي أنها عند الطلاق تحصل على نصف ثروة الزوج عدا ونقدا. كل ما كسبه زوجها في فترة الزواج هو ملك مناصفة بينهما. امرأة تحصل على هذا هل تعود إلى بيت لا تملك فيه بيالة الشاهي التي تشرب بها ثم تطلق بعد زواج عشرين سنة لتصبح عالة على أخوانها أو أقاربها أو المحسنين. من الأساطير أيضا أن المرأة في الغرب إذا تزوجت تخلت عن اسمها واتخذت اسم زوجها. القانون في الغرب غير ما يردده الأخوان المسلمون في كتبهم. من حق المرأة أن تأخذ اسم زوجها أو تبقى على اسمها أو تخترع لها اسما كما تراه. لا يوجد ما يفرض عليها أن تأخذ هذا أو ذاك. ظاهرة التحول من اسمها إلى اسم زوجها ورثه الغرب من تراثه المظلم، ولكن لأن الغرب يعتمد النظام العلماني الذي يقر حرية العقيدة والعادات ويمتلك الإنسان نفسه. يستطيع المرء على ضوء ذلك أن يبقى على دينه أو مبادئه أو عاداته التي يفضلها. هل امرأة الإعلان سلعة؟ نعرف أن السلعة تقع بين طرفين: بائع وشاري. المرأة التي تخرج في الإعلان هي التي وقعت العقد ووضعت الملايين في جيبها. لم يفرض عليها ذلك أبوها أو ولي أمرها. السلعة عندما يتعمد الأب تزويج طفلة عمرها ثلاث عشرة سنة على رجل في الستين أو السبعين. هنا تكتمل شروط التجارة. صار فيه بائع ومشتر وسلعة لا تملك من أمرها شيئا. وقس على ذلك أمورا كثيرة. إذا كان من يخرج في الإعلان سلعة فكل الرياضيين والفنانين والأطباء والدعاة سلع تباع وتشترى. أليس هذا هو السائد في ملاعبنا وفي جرائدنا حتى الدعاة أنفسهم ترزقوا من هذا المورد الثر. لماذا البكاء على المرأة فقط. أليس الرجل إنسانا يستحق البكاء والعويل ؟.