بقدر الحزن الذي أصابني وأنا على يقين أنه أصاب الكثيرين إثر وفاة معلمات مدارس براعم الوطن في الحريق الذي تعرضت له المدرسة كانت فرحتي وأنا أرى منحهن وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى مع مليون ريال لأسرة كل واحدة منهن ، ليس من حقي أن أتحدث بلسان أحد ، ولكني أستشعر فرحة الكثيرين على هذا المنح عالي المستوى ، صحيح أن الأرواح لا يعادلها كنوز الأرض ولكن عندما ينزل القضاء والقدر فلا راد له ويحتاج المُصاب من يقف معه لتخفيف مصيبته ، والقضاء والقدر لايعني عدم تحمل البشر مسؤولية ما جرى ، ولكن المُصاب يبقى هو الحالة الأضعف الذي يستنجد بكل من يستطيع تخفيف مصابة ومداواة جرحه الغائر ، وفقد الأرواح من أكثر المصائب ألماً وفجيعة ، كارثة مدارس براعم الوطن لم تكن محدودة بأهل الفتيات فقط بل رأيت ألماً في كل مكان ، تحولت شبكات التواصل الاجتماعي لخلية نحل إنسانية تهل منها التعازي الحارة وتُجمع من خلالها التبرعات لمساعدة أسر الشهيدات ، كان مصاب الجميع، وأعتقد أن منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى ومليون ريال لهؤلاء الفتيات هو منح للجميع أيضاً ، هذا المنح يؤكد أن المشاعر الإنسانية التي اهتزت لهذا المصاب لم تكن على مستوى شعبي فقط بل على مستوى رسمي، ومن الرجل الأول في الوطن ، لو كانت المسألة مسألة تعويض لاكتفى الملك عبدالله حفظه الله بالمال ولن يسأل أحداً عن الأوسمة والدروع ولكنه كان امتناناً إنسانياً عميقاً من ولي الأمر لهؤلاء الشهيدات امتنان باسم الوطن وباسم المؤسس ، كان تكريماً لفعل الخير والإيثار والإحسان ، فزع أهل الخير والشهامة للوقوف مع الأسر المنكوبة معنوياً ومادياً فقلنا لهم شكراً لهذا النبل ولهذه الشهامة ، الحزن والمصاب ليس حزن أسر معدودة أغلبنا ذرف دموعاً حارة على فقد هؤلاء الفتيات وموقفهن الشجاع وإيثارهن لطالباتهن على أنفسهن ، قلنا ومازلنا نقول شكراً لهذه الفزعة الإنسانية ، والشكر مضاعف لخادم الحرمين الشريفين لقد منحتنا وليس أسر الشهيدات فقط هدية عظيمة تعكس نبلك وأبوتك وقربك من الناس . كنت أتمنى أن أقول شكراً لمدرسة براعم الوطن لحفظها للفعل الجميل الذي قام به معلماتها يرحمهن الله من خلال تخليد أسمائهن في أحد قاعات المدرسة أو غيرها مما تراه المدرسة ، فآمل أن لا تتعامل المدرسة مع الموقف بأنه حادثة أضر بسمعتها وتجارتها وتريد تجاوزه وطي صفحته ، لابد أن تستغل المدرسة هذه الحادثة لزرع فضيلة الإيثار وتقديم الغير على النفس وحب الخير للآخرين في طالباتها ، على المدرسة أن تقول شكراً لهؤلاء الشهيدات طوال وجودها على الأرض لتّعلم طالباتها أن يقلن شكراً لمن يسدي إليهن عملاً جميلاً ، فلولا رحمة الله ثم أرواح هؤلاء المعلمات لفتح العزاء في عشرات البيوت ، من لا يشكر الناس لا يشكر الله.