كم أنت قوي أيها الزوج ، وكم أنت قوية أيتها الزوجة ، أو هكذا يخيل إليكما ، حين تجلسون في مجلس اجتماعي لتستمعوا فيها الى قصص عن الخيانة الزوجية ، وعن جرأة الزوجة التي توفرت لديها حرية التواصل والاتصال ، وعن صبينة الرجال وتلاعبهم مع النساء ، وقصص أخرى تنسجها خيالات ، وتنقلها بعض النفوس من بطون الروايات ، فتقص منها وتزيد عليها حتى تتناسب مع واقعنا ، فتسمع من فظائع فنون الخيانة والتخاتل والتحاذق في غش الزوجين لبعضهما ، فما يروعك إلا وأنت تتلفت يمنة ويسرة لتسأل نفسك ولماذا لا يكون شريك حياتي الذي أثق به هو ذلك الخائن أو تلك الخائنة ، وما ان تسأل نفسك هذا السؤال الا وتكون من حيث لا تعلم قد ألقيت حجرا في بركة نفسك الراكدة من الثقة والأمن والأمان النفسي ليتعكر صفو تلك البحيرة وتتصافق أمواجها ويغيب عنها ذلك الصفاء ، ولتنفتح عليك أمواج من الذكريات لأحداث كانت بريئة فيما سبق فتحولت إلى أحداث محيرة وجالبة للشك ، والشيطان حينها ينفخ فيها بكل ما أوتي من قوة لتتضخم الفكرة حتى تصبح فكرة وسواسية لا تستطيع أن تبعدها عن ذهنك .. أفكنت تظن أيها الزوج انك قوي لتجالس نافخ الكير دون أن يحرق ثوبك ، فان نجوت من هذه فما أنت بناجٍ من ريح خبيثة تكتسبها من مجالسته .. انها والله مجال البؤس والفراغ واللغو الذي لا يكون إلا ترة على العبد في الدنيا والآخرة ، لماذا لا نقف أمام هذه القصص الوهمية المنجسة لمجتمع نظيف ، لماذا لا نحارب كل من يقص هذه القصص الشاذة على فرض صحتها وسلامتها من الزيادة والنقصان ، هل نفسياتنا رخيصة علينا لنحملها مالا تحتمل من سوء الظن واتهام المحصنات الغافلات ، ألسنا نعرف بان بدواخلنا عقولاً باطنة تتأثر بما تسمع وتحاول أن تعيشه واقعاً معاشاً ، لقد نبهنا الله تعالى الى خطورة السماع ومجالسة الأفاكين فأمرنا باعتزالهم ( حتى يخوضوا في حديث غيره ) كما فعل صلى الله عليه وسلم بتشبيه المجالس لك ( كحامل المسك ونافخ الكير ) ، افنظن بعدها ان الجلوس في مجالس تشكك في نزاهة النساء فتطعن في شرفهن وتثير الريبة في غيابهن وانشغالهن ، وتشجع على تفتيش الجوال ونبش الأوراق والسؤال والتحقيق .. اتظن انك بعد سماع هذا لن تضعف أو تستسلم لهذه الخواطر الشيطانية المعممة على جميع النساء .. كم من بائسة مكتئبة جاءت الى العيادات تشكو نظرات الريبة وأسئلة الشك والتقليب في خصوصياتهن بحثا عن عشيق مزعوم أو خدين قد اخترعته مجالس الزور ، ولا أعفي بعض الأفلام والمسلسلات والروايات التي أذكت نار الشك ونفخت لتزيد من أوارها ، ونحن وإن كنا أقوياء فسيأتي يوم نضعف فيه فنكون نهبا للأفكار والهواجس التي لا ترحم .. هل وصلت رسالتي ، وعلى دروب الحق والخير نلتقي ..