ما أعظم أن تضع بلادنا نصب أعينها ليس فقط همومها ومسؤولياتها، بل هموم وقضايا العالم الإسلامي. ولمَ لا وقد أنعم الله سبحانه وتعالى على بلادنا الغالية بأن أغناها بفضله، وكتب لقادتها وأبنائها القبول والعزة. وها هي دوماً واقفة بجانب المسلمين في العالم، تضرب أروع الأمثلة للدعم والتعاون وللمواساة والإيثار، وكذلك في المبادرة في أعمال الخير والبر ودعم العلم والحضارة الإسلامية بصفة خاصة، والحضارة الإنسانية بشكل عام في شتى بقاع الأرض. ويأتي تنظيم المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لفعاليات الدورة الثالثة والثلاثين لمسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره ضرباً من ضروب العمل الخيري الذي لا ينقطع بإذن الله تعالى تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (يحفظه الله). فأفضل ما يمكن أن يتنافس عليه أبناء المسلمين، صغاراً وكباراً، هو حفظ القرآن الكريم، الذي هو فضل الله العظيم، وحبله المتين. وكيف لا وهو تنافس في حمل كلام الله - جلت قدرته - في الصدور، وفي تجويده وتفسيره ونيل شرف تعليمه الذي وعد بها الرسول الكريم في حديثه الشريف: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وما من شك في أن خدمة كتاب الله - تعالى - من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد الى الله عز وجل، وأن عز الأمة الإسلامية وسيادتها في اهتمامها وتمسكها بالقرآن الكريم، وأن تراجعها وهوانها في اهمالها وعدم عملها بتعاليمه. إن ما تنفقه المملكة على هذه الجائزة كل عام ما هو إلا استثمار مبارك يؤتي ثماره ونتائجه الطيبة في كوكبة من أبناء المسلمين في شتى بقاع الأرض، يتم الاحتفال بهم كل عام، ليواصلوا المسيرة مع أهل القرآن في تعليمه بعد أن تعلموه حق تعلمه وأتقنوه وفهموه حق الفهم. وعلى هؤلاء الشباب الحافظين لكتاب الله تقع مسؤولية حسن تفسيره وترجمته ترجمة صحيحة بعيدة عن التطرف والمغالاة لتحسين صورة الإسلام التي تعرضت للتشويه زورًا وبهتانًا، إما من أعداء الإسلام أو من تصرفات شاذة ومغالاة ممقوتة من بني الإسلام من خلال الفهم الخاطئ لمعاني القرآن الكريم. ولهذا يأتي دور وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، بالإضافة إلى دورها الكبير في نشر عقيدة التوحيد الخالص في ربوع الأرض، الاهتمام بإقامة الدورات الشرعية التي تحث على الدعوة باتباع الدليل من الكتاب والسنة ونبذ التقليد والتعصب المذهبي، والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن والتركيز على تربية الناشئة على العلم النافع والعمل الصالح بالحكمة والموعظة الحسنة، وإقامة مثل هذه المسابقات في حفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره. وفقنا الله إلى ما فيه الخير والسداد، وحفظ بلادنا وولاة الأمر فيها من كل سوء ومكروه. ---------------------- * مدير جامعة الحدود الشمالية