لقد أنعم الله عز وجل على بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي وقبلة المسلمين ومنطلق الرسالة المحمدية، بقيادة حكيمة جعلت من كتاب الله الكريم منهجاً ودستوراً، وسعت بكل إمكاناتها وطاقاتها إلى العناية به، سواء بطباعته ونشره أو ترجمته أو تدريسه، وهذه الدورة الثالثة والثلاثون لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، ما هي إلا امتداد للجهود العظيمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في خدمة كتاب الله والعناية به وبحفظته وأهله، وهو ما سارت عليه منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - الذي تحمل اسمه هذه المسابقة المباركة، وسار على نهجه أبناؤه الكرام، وإن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لهذه المسابقة يؤكد مدى حرص القادة واهتمامهم وعنايتهم واعتزازهم بديننا الحنيف وشريعتنا المحكمة وقرآننا الخالد. وها نحن نسعد برؤية شباب الأمة وصغارها عندما يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، مدركين أن على أيدي هؤلاء سيتحقق للمسلمين العزة والرفعة والتمكين في الأرض - بإذن الله - وسيكونون منارات خير وهداية ونصح للناس في كل مكان مستذكرين وعاملين بقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) "النحل: 125". إن ربط الناشئة بكتاب الله عز وجل فيه رفعة للأمة كما قال عليه الصلاة والسلام: " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين"، رواه مسلم، وبفهمه وتدبره تحفظ الأجيال من الوقوع في الجهل أو الغلو، قال تعالى: (إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) "الإسراء: 9". أبشروا يا أهل القرآن بالخير والفوز في الدنيا والآخرة، وتذكروا عندما يجيء هذا القرآن شافعاً لكم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً "أخرجه الترْمذي وقال: حديث حسن صحيح". وفي الختام أشكر القائمين على هذه الدورة وعلى رأسهم معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وسائر المشاركين على ما بذلوه من جهود قيمة في الإعداد لهذه المسابقة، فلهم منا جميعًا الشكر والتقدير، وحسبهم أن يكونوا من خير الناس كما قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" أخرجه البخاري. * رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري