حصل هذا السؤال على أعلى نسبة بين مجموع الاسئلة التي أتلقاها من الأصدقاء ومن أقابلهم خلال الثلاث سنوات الماضية، وفي الحقيقة إن هذا السؤال يعتبر سؤالاً شائكاً جداً من وجهة نظري فمن يسأل يتوقع منك أن تجيب بما هو مقتنع به فإن كانت إجابتك على سبيل المثال بأن أسعار المساكن ستنزل وتنهار وبالتالي تنصحه بأن يؤجل الشراء فإنك ستواجه حرجاً كبيراً في حال أنك قابلت السائل بعد فترة ولم تنزل الأسعار والأشد حرجاً في حال زادت الأسعار فسيعتبر أنك أضعت عليه فرصة شراء منزل بسعر أقل أما إن أجبته بأن الأسعار لن تنخفض بل هي في طريقها لزيادة قد تواجه ذات السخط ولكنه مباشرة بعد الإجابة وقد يتهمك بالتنفع من خلال ترويج لإشاعات زيادة العقار هذا إن لم يتهمك بأنك بوق مأجور لملاك العقارات وحتى لو صدقت رؤيتك في زيادة أسعار العقارات سيتهمك لاحقاً بأن تصريحاتك هي السبب وراء ذلك وكأن ملاك العقارات ينتظرون منك تصريحا ليقوموا بزيادة أسعار عقاراتهم ، وبالتالي عزيزي القارىء كنت دائماً أفضل التهرب من الإجابة وأتحجج بأن الرؤيا لدي ليست واضحة بهذا الشأن للذود عن نفسي من أي هجوم أو انتقاد يطالني دون فائدة شخصية لي. ولكن عزيزي القارىء أن هذا السؤال لا يمكن أن يترك دون إجابة فهو أمر هام لكل مواطن أن يحدد موقفه نظراً لأهمية المسكن في حياته، وللإجابة على هذا السؤال يجب أولاً أن نفكر بمنطق العقل دون عاطفة فنحن أمام أسعار مساكن تعتبر مرتفعة خصوصاً أمام محدودي الدخل وهذا قد يرجع لعدم وجود وحدات عقارية متاحة ومخصصة لهذه الشريحة فمعظم عروض المساكن العقارية تعتبر مساحتها كبيرة نسبياً وبالتالي كلفتها عالية خصوصاً مع الارتفاع الذي طال أسعار الأراضي جعلت أسعار تلك الوحدات مرتفعة وبالتالي لم تعد تخدم الشريحة التي كانت تخدمها من قبل ، كما أن نتائج القرارات الحكومية الخاصة بدعم الإسكان والتي من شأنها توفير وحدات سكنية لمحدودي الدخل ستأخذ وقتا طويلا نظراً لطبيعة التطوير العقاري الذي يحتاج إلى سنوات البناء والتشييد كما أن النزول في أسعار الوحدات العقارية في حالة قدر له أن يحصل لن يكون سريعاً وبنسب نزول ضخمة كما يدعي البعض لعدة أسباب لا يسع المقال لسردها وإنما سيكون محدودا كما أن الوضع العام للاقتصاد العالمي يقود إلى نزول قيمة العملة بشكل عام وهذا يؤدي إلى تضخم في أسعار العقارات بشكل عام . الآن عزيزي القارىء بعد تلك المعطيات السابقة يتبين منه أن نزول الوحدات العقارية أمر في حال أنه حصل سيأخذ وقتاً طويلاً وستكون نسبة النزول قليلة وتدريجية وقد لا تزيد عن 20 % وبالتالي لشخص يرغب في شراء منزل لن يكون أمر هذا النزول مؤثراً في قرار شراء منزل العمر فهو في النهاية ليس مستثمراً وإنما مستخدماً له وأمر النزول أو الارتفاع في السعر بنسب بسيطة وبمدة طويلة ليس ذا أهمية لديه ، عليه فإن الجواب النهائي هو إنك إن وجدت منزلا مناسبا لك ومناسبا لإمكاناتك المادية لا تتردد وأقدم على الشراء ولن تندم بإذن الله.