يوجد في رياضتنا نماذج مشرقة قلما تأخذ حقها، ويذهب تفوقها وبروزها ضحية السلبيات الطاغية والصراخ والنقد العاطفي. والغالبية وأنا منهم نضرب أمثلة باللاعبين الأجانب وفي النهاية وبعد جدل نصرخ جميعا بصوت واحد (إحنا وين.. والأوروبيين وين)، والعنوان يتصل بما يدور في الوسط الرياضي على كافة الأصعدة حول (تقليعات)، وربما سلوكيات الكثير من لاعبينا واهتمامهم بالمظهر على الجوهر. وقبل نحو عشر سنوات كتبت كثيرا عن القزع ومخالفة لاعبين للوائح اتحاد القدم والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان كثيرون يتندرون بأن هذه حرية شخصية..! والآن وعلى مدى شهر أو أكثر يأخذ هذا الموضوع حيزا كبيرا من النقاش وفي مقالات النقاد، ولكن الجدل ينتهي سريعا دون نتيجة مؤثرة، وكتبت هنا قبل أسبوعين موضوع بعنوان (ميسي وقزع وربطات لاعبينا). وقلت إن الأرجنتيني ميسي (أفضل نجم في العالم) لم يغير قصة شعره منذ كان برعما في أكاديمية برشلونة، بل تركه بطبيعته ولا يطيله كثيرا ولم تغره الشهرة ولا النجومية بأن ينساق خلف التقليعات التي باتت تضرب أطناب الفرق محليا وعالميا، حتى أن (عرف الديك) الذي ظهر به البرازيلي الشاب نيمار في بطولة (كوبا أمريكا) عم أرجاء المعمورة حتى الأحياء..!! وأشرت أيضا إلى البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الذي ينافس ميسي على نجومية العالم، مبينا أنه يتدرب لوحده بعد انتهاء التمرين اليومي على لسان سكولاري الذي سبق ودرب منتخب البرتغال. وبينما نتحدث اول من أمس في (مساء الرياضية) عن الموضوع ذاته في دقائق معدودة وبعد خروجي جال بخاطري أن أفتش في الملاعب السعودية، فوجدت أن اللاعب النحيل الخبير محمد الشلهوب نجم الهلال والمنتخب لم يتغير في شكله ولا تعامله منذ لعب مع فريق الناشئين وعمره في الثانية عشرة قبل نحو 18 عاما، وكلما تقدم به العمر انضبط أكثر وحرص على أن يكون تعامله يواكب نجوميته، ليس على صعيد ما نشاهده أو نقرأ له في مختلف وسائل الإعلام، بل حتى على الصعيد الاجتماعي لا يتردد في تلبية المشاركة في أي مشروع خيري أو مجتمعي، وهذا أقوله عن شواهد كثيرة ووقوف على المناسبات، لذا يعتبر النجم الأول في حب الجميع له. بالطبع ميسي أفضل نجم في العالم، ولكن بحكم السن فإن الشلهوب أفضل من ميسي بالاستمرار فترة أطول في عدم الانجذاب سلبا مع الأضواء والشهرة، وفي الملعب الاثنان مبدعان. بالطبع هناك لاعبون آخرون، لكنني حزنت كثيرا على الكثير من لاعبينا الذين لم يمضوا أربع سنوات في عالم الشهرة وأغوتهم الملايين والشهرة إلى طريق الضياع، نأمل من العلي القدير أن يعيدهم إلى الصواب. وما دام أنني أتحدث عن التقليعات والسلوكيات فاللوم يقع أولا على اتحاد القدم الذي يهمل لوائحه وأنظمته كثيرا، والأندية التي أصبحت تعطي اللاعب حرية أكبر مما يستحق، كما أن الدعاة وخطباء المساجد عليهم واجب توعوي باستثمار المناسبات وتفعيل دورهم ومسؤولياتهم، فالرياضة ركن قوي ومؤثر في إصلاح المجتمع.