ليس من مصلحتك أن تكون كل قرارتك عبارة عن ردود أفعال، هذه إحدى أهم علامات التخبط وعدم وضوح الرؤية وهشاشة الشخصية. لأنك في هذه الحالة تحدد حياتك بخطوط يرسمها الآخرون، وهؤلاء الآخرون مهما كانوا قريبين ومهمين وذوي تأثير في حياتك، إلا أنهم لا يملكون الحق ولا المساحة لأن يتملكوا حياتك. سمعت مرة أحدهم يقول:" أن الأغلبية من الناس يرفضون أن يكشفوا عن حقيقة ذواتهم ويختفون تحت قناع القولبة وفئة قليلة في أي مجموعة هي التي تتفرد وتتميز" ولا أدري مدى صحة هذا القول! لكن هذه الفئة القليلة تختلف عن الآخرين في أنها ترفض التقولب، لكنها ليست بالضرورة أن تكون متمردة، لا تحب أن ترى إنعكاس صورتها في عيون الآخرين، لكنها لا تمتنع من التواصل معهم وبناء الجسور، لا تستعير الأفكار الجاهزة ولا تعيد استهلاك العبارات المترددة، تحب أن تختار وأن تخوض التجربة لا أن تقتات على حكايات الآخرين. أنت كفرد لا تريد أن تكون متفرجا على حياتك، بل تريد أن تعيشها بكل ما فيها أن تصعد الجبال وتسبح في البحر وتمشي على الطرق الممهدة وأن تتجاوز الحفر والعثرات وأن تتوقف قليلا وأن تلهث حين أن تركض وأن تصاب ببعض من خيبة الأمل وشيء من الإحباط وتواجه قليلا من الرفض وأن تبتسم حين تحقق نجاحا أو حين تكتشف شيئا جميلا فيك أو فيما حولك، تمد يدك لتسلم عليها يد أخرى وترفضها ثالثة. هذه هي الحياة مليئة بالألوان المتغيرة والأشخاص المتحركين فكل ما حولك يعيش حركة دائمة من أصغر ذرة إلى أكبر كوكب حتى الدم يتدفق متحركا داخل جسدك أو حين تنزف فإذا ما توقف تخثر وتكتل إما ليحمي جرحا عارضا أو يصيبك بتصلب الشرايين. وأنت في حركتك لابد أن تتواصل ترتطم تتصادم بالآخرين تتعلم منهم وتختلف معهم تندهش تنفجع تتألم تحب تكره تبغض مشاعر كثيرة تتحكم بعلاقاتك وتصرفاتك، لكنك لن تكسب ولن ترتاح إذا كانت حياتك كلها عبارة عن ردة فعل لكلمة قيلت أو تصرف حصل أو موقف كان وحدث وسينسى، ستتعب كثيرا وستفقد الإحساس بكينونتك كشخص له ملامح واضحة. كن أنت كما أنت لا تحاول أن تستنسخ الآخرين فيك، ولا تحاول أن ترسم تصرفاتك حسب ردود أفعالهم، لأنك ستتعب كثيرا!