كيف تتعامل مع كلمة لا؟ هل تضرب بقدميك الأرض وتصرخ وكأنك بتصرفاتك هذه ستغير الحروف والكلمات والمعاني؟ هل تحني رأسك وتمشي مخذولا؟ هل تبحث عن مخرج أو أنك ترى كل المخارج مغلقة؟ لو رجعت بذاكرتك إلى الوراء، لعرفت تاريخك مع كلمة "لا" لضحكت كثيرا على تصرفاتك الصبيانية في صغرك عندما كان الرفض يشكل نهاية الدنيا بالنسبة لك. لعلك تذكر حين قدمت أوراقك للقبول في قسم أحلامك في الجامعة لتكتشف أن رغبتك الأولى لم تنفذ وأنك قبلت في قسم آخر لعلك تذمرت وقتها وغضبت كثيرا وحاولت جهدك أن تنتقل لقسم أحلامك لكنك لم توفق، ولم يكن أمامك سوى المضي حيث أنت فاجتهدت ونجحت واليوم أنت حيث أنت بكل نجاحاتك تتذكر ال "لا" الرافضة وتبتسم لأن ذلك الرفض أوصلك حيث أنت الآن حيث تحب أن تكون ولو قدر لك أن تعود للوراء قليلا لاخترت ال "لا" التي غيرت وجهتك وقبلت "الرفض" الذي جعلك تمضي في طريق لم يخطر لك على بال. فهذه ال "لا" الرافضة بشدة ليست بالسوء الذي تصورته. أحيانا نبرمج عقولنا بطريقة معينة وبهذه البرمجة نحد من قدراتها الاستيعابية، فنحن نعتقد أن الطريق أمامنا أحادي الاتجاه ليس له أي تفرعات بينما الطرق المريحة هي تلك ذات المسارين المتعاكسين والمليئة بالمخارج والتقاطعات. قد تكون كلمة "لا" مزعجة، قد تضايقنا كثيرا وقد تتعبنا أكثر. لكننا نحتاج أن ندرب أنفسنا على التعامل معها وعلى التعود عليها فكلمة "لا" قد تفتح أمامنا أبوابا ونوافذ، قد تجعلنا نبحث عن اختيارات أخرى عن مجالات أخرى عن فرص أخرى. قد تكون فرصة لنا لأن نفتح عيوننا ونرى ما تجاوزناه أو تجاهلناه. السؤال؛ كيف تتعامل مع كلمة "لا"؟ هل تتقبلها أو ترفضها؟ هل رفضها يعني العناد والمكابرة فقط؟ هل قبولها يعني الاستسلام للخيبة؟ ليس بالضرورة. التجارب تعلمنا أن الطرق الممهدة أقل عددا من الطرق الرملية المتعبة المليئة بالحفر، والتجارب تعلمنا أن الطرْق بشدة على الأبواب المغلقة قد يتعب أيدينا ويجرحها. وهي تعلمنا أيضا أنه من الحكمة أن نستدير ونبحث عن مخرج آخر وطريق آخر وباب آخر حين تغلق كلمة "لا" الأبواب التي نعرفها. هل هذا كلام شخص متفائل؟ لا أظن! وصدقوني لو كانت "لا" هي إجابتي عن هذا السؤال! فهي مجرد كلمات استعرتها من تجربة إنسان تعامل مع ال "لا" كثيرا وتعلم أن لا يتذمر ولا يتضايق و لا ييأس.