أنيس منصور (1924-2011) هو أحد الكُتاب الصحفيين المتميزين بغزارة إنتاجهم ، ويعتبره كثير من النقاد والأدباء فيلسوف الأدب ، وأديب الفلسفة وأحد أهم الكتاب ، تأثر كثيراً بالمفكر عباس محمود العقاد ، وألف كتاباً مهماً عنه هو ( في صالون العقاد) ..... ألف عدداً كبيراً من الكتب بالإضافة إلى المئات من المقالات ، ولعل كتابه ( حول العالم في 200 يوم) من أكثر الكتب انتشاراً في اللغة الغربية . كان يكتب في جريدة الأهرام المقال اليومي بعنوان ( مواقف ) بالإضافة إلى مقاله اليومي في جريدة الشرق الأوسط . ومن خلال النظر إلى بعض مقالاته وكتبه عن الإنسان والسعادة ، نجد أنه يعالج هذا الموضوع بأسلوب صحفي شيق ،يستحق الكتابة عنه ، حيث انه يرى ان السعادة تختلف باختلاف الأشخاص ، واختلاف مكانتهم في المجتمع . فكثير من الناس يقولون إن السعادة موجودة عندما يكون لديك أقل قدر من الألم ، أو انها الابتعاد عن الناس ، أو انها في الإيمان بالله وحب الخير لكل الناس . وهناك أناس كما يقول ( أنيس منصور) يرون السعادة في أن تشترك مع الناس في همومهم ليشاركوك همومك ، وهناك من يرى أن الهموم مثل بصمات الأصابع أمر شخصي ، ويستحيل أن يشاركك فيها أحد ، فالسعيد هو الذي ينطوي على همه، ويستطيع أن يخفف عن نفسه . ويتساءل أنيس منصور إذا كان كل ماذكره صحيح ، فالأسهل من هذا كله أن يقال: إن السعادة هي ميزانية يومية بين الذي عندك والذي في يدك ، وبين الذي ليس عندك والذي في أيدي الآخرين ، أو بين الذي تقدر عليه وبين الذي تتمناه . ويعتقد أنيس منصور أن السعادة الحقة هي المصالحة بينك وبين نفسك ، وأنت راض عن الذي معك ، فإذا حصلت على أكثر من ذلك فمزيد من السعادة والرضا، وإن لم تأت السعادة فحمداً لله على ما أعطاك . ويعود أنيس منصور بأسلوبه الصحفي الجميل إلى نظرة كل إنسان إلى الآخرين باعتبارهم أكثر سعادة منه .وهكذا فإن كل إنسان يعتقد أن الآخرين سعداء ، وأنه وحده الذي يعيش حياة الشقاء. ويصل الإنسان إلى هذه النتيجة من النظر إلى الآخرين في الشارع أو الأماكن العامة ، وفي هذه النظرة الكثير من التشاؤم مما يؤدي إلى اعتقاد الإنسان بأنه مظلوم !! . ويرى أنيس منصور أن الناس يمثلون السعادة عندما يكونون سوياً ، أي أنهم يقومون بأدوار السعداء ، وليسوا كذلك ، وهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون أن يخفوا متاعبهم الحقيقية . ويضيف بأن الناس عندما يذهبون إلى مكان عام ، فكأنهم يذهبون إلى حفلة تنكرية ، كل واحد يضع قناعاً .. وهذا القناع يخفي وراءه الحقيقة.. وكما أن هناك ممثلين ممتازين ، فهناك أيضاً ممثلون مبتدئون أو سيئون. ويختتم أنيس منصور نظرته للسعادة بأنه ينبغي أن يضع الإنسان قناعاً ويندمج في تمثيل دور السعادة ، ويعلل ذلك بأن الممثلين الذي يبكون على المسرح يشعرون عادة بالارتياح عندما يتجاوب معهم الآخرون فهم يبكون في منتهى السعادة بنجاحهم !! وهكذا هي السعادة .. فما رأيكم ؟! .