دعا الباحث القدير الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي إلى إنشاء رابطة للكتاب والأدباء في المملكة ، وذلك في العدد 16367 من جريدة عكاظ ، مشيراً إلى أنَّ جريدة (صوت الحجاز) كانت أول من طالب برابطة للكتاب والأدباء قبل 83 عاماً .. وقال: (وبالرجوع إلى العدد الأول من جريدة (صوت الحجاز) الصادر يوم الاثنين 27 ذي القعدة 1350ه الموافق 14 ابريل 1932م نجدها تفتتح العدد ب(فقد مضت أحقاب طويلة وهما في فجوة عن العلم ، لا يعرفهما ، ولا يدري عنهما شيئاً سوى من قصدها لأداء فريضة الحج الدينية في أيام معدودات ، تقضى كلها في مهام العبادة العظيمة ، ولا تمكنه من أن يستعلم عنهما كما يجب ، أو يتعرفهما كما ينبغي ، وقد تمضي عليه هذه المدة وهو لا يخالط غير طبقة محدودة من الناس ولا يرى إلا ما يحيط به في دائرة ضيقة من أفكار وأعمال ، لذلك ولما أحسسنا به من وجوب ايجاد رابطة أدبية بيننا نحن أبناء هذه البلاد ، توحد بين أفكارنا وميولنا وثقافتنا). إلى آخر المقال الذي يؤكد فيه الأستاذ القشعمي على ضرورة وجود رابطة للادباء والكتاب ، بعد أن دعت الضرورة للمشاركة الدائمة في الاتحادات والنقابات والاربطة المماثلة في الدول العربية وغيرها. - والحق أن رأي الصديق القشعمي لا يختلف عليه إثنان فالجميع يطالب بذلك. | ويسرني هنا أن أشير إلى أن الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبدالمقصود خوجة - رحمه الله - كان من أوائل الكتاب - إن لم يكن أولهم - الذين طالبوا بانشاء (الرابطة الأدبية) وكانت نظرته لهذه القضية شاملة لجوانب أخرى تدعم هذه الفكرة. - وفي كتابي (المجموعة الكاملة لآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبدالمقصود خوجة) الطبعة الأولى 1422ه/2001م ضمن سلسلة (كتاب الاثنينية) التي يحرص على نشرها الشيخ الأديب عبدالمقصود محمد سعيد خوجة: يجد القارئ مقالاً بعنوان (الرابطة الأدبية في بلادنا وضرورة وجود غرف مطالعة ودراسة) وقد نُشر هذا المقال في جريدة (صوت الحجاز) بتاريخ 21/3/1351ه باسم (متالم) وهو الاسم المستعار الآخر - بعد (الغربال) - للأديب محمد سعيد عبدالمقصود - رحمه الله - ، وهذه مقاطع مما ورد في المقال عن الرابطة الأدبية وغيرها: - (.. وأظنني لا أغالي إذا قلت إن الأدباء الموجودين اليوم ، والذين نقرأ ثمرات أفكارهم ونسمع نفثات صدورهم هم أبناء أعوام قلائل جداً. فَحُبّ بعضنا للأدب ، وإقبال بعضنا عليه يعطينا دليلاً واضحاً على النزوع الذي تتطلبه نفوسنا من السير نحو هذه الحياة ، سواء كنا مدفوعين إليه بدافع تطور الحياة ، أو كانت نفوسنا هي ذاتها ميالة إلى ذلك السير ، ولكن مع كل هذا الحب المتغلغل في نفوس بعضنا للأدب ، ومع كل الشوق الذي نراه في كثير من الأدباء للأدب (وإن اختلفت طرقه ، وتنَّوعت مسالكه) فإنا نجد أن الرابطة الأدبية في بلادنا ضعيفة جداً ، أو إذا شئت فقل غير موجودة ..) وبعد أن يشير إلى بعض أسباب هذا الضعف ، يعود فيؤكد على (ان الرابطة الأدبية من الضروريات للأمم التي تسعى للحياة ، والتي تريد أن تسير بقدم ثابتة نحو ما تتطلبه وما ترنو إليه..) ثم يذكر خطوة مشجعة لتنفيذ الفكرة: (ولو سعينا لايجاد غرف مطالعة ودراسة في جميع المدن لكان ذلك أساساً لتكوين الرابطة الأدبية من جهة ، وتنوير الأفكار ، وتثقيف العقول ..) وفي ختام مقاله أشار إلى فكرة (تأسيس نواد علمية أدبية) ولعله أوَّل من طرح هذه الفكرة يقول: (وفي نظري أنَّ الحكومة ترغب في تأسيس نواد علمية أدبية إذا تحصلت تلك النوادي على رخص رسمية تجيز لها التأسيس والعمل حسب الأصول المتبعة). || ومرت السنون .. وأُنشئت المكتبات العامة .. والنوادي الثقافية الأدبية ، وبقيت مسألة (رابطة الكتاب والأدباء) تنتظر التنفيذ. | رحم الله أديبنا السعودي الراحل محمد سعيد عبدالمقصود خوجة .. فقد سبق زمانه في أفكاره وطروحاته .. كان يغزل من خيوط فجره آمال وطموحات أمته ، مستشرفاً ما يحمله المستقبل من نقلات حضارية نقطف ثمارها الآن ، بفضل الله تعالى ثم ما تحظى به البلاد من رعاية واهتمام ولاة أمورنا الكرام. والله ولي التوفيق.