"التحليق عالياً في الأرض".. ربما يبدو هكذا حال "المطعسين" الذين يمارسون هواياتهم بامتطاء مركباتهم ذات الدفع الرباعي، لمناطحة الكثبان الرمالية شاهقة الارتفاع، في "مواجهة التحدي" أي منهم يستطيع الوصول إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه، بينما يتوافد عشاق هذه الهواية مكونين على التلال الرملية المجاورة مدرجات جماهيرية على غرار مدرجات ملاعب كرة القدم، حيث لا يختلف الحال عنها كثيراً، إذ تبدو الهتافات والصيحات حاضرة في "الطعوس"، إما تشجيعاً لقائد فذ استطاع بسيارته إبهار الحضور، وإما سخرية بقائد "غشيم" لم يستطع عمل مثل ما عمل سابقه. وفي ظل الإقبال الكبير على هواية التطعيس إما ممارسةً، أو مشاهدةً، تبقى الأماكن التي يرتادونها غير مهيأة من كافة الجوانب، ما عدا نزر يسير من بعض الاجتهادات التي يقوم بها أصحاب "الفزعة" من الهواة، يسعفون المصابين جراء العنف غير المسؤول من تهور السائقين، وإنقاذ "المغرزين" وهم الذين تعلق سياراتهم في الرمال ولا يستطيعون إخراجها سوى بدفع قوي من قبل الأشخاص، أو سحبها بواسطة سيارة أخرى، فضلاً عن عدم توفر سيارات إسعاف أو مراكز صحية مجاورة لمناطق التطعيس المشهورة، رغم أنها باتت تعد ملاذاً للكثير من الشباب لا سيما في أوقات الإجازة وعطلة الأسبوع. ولم تكن هواية "التطعيس" عابرة أو آمنة كحال هواية "جمع الطوابع"، حيث أنها كانت معقلاً ل"الموت"، وطريقاً سريعاً للكرسي المتحرك مدى الحياة!، فمثل ما يقولون أن "البحر غدار"، فالرمال كذلك حتى وإن بدت مطمئنة دون مد وجزر، حيث إن "الغرق" في الرمال يكون عندما تغدر تلك السيوف الرملية التي تكون أعلى الكثبان بالسيارات التي تمر عليها دون أن يكون قائدها على دراية بها وحنكة في التعامل معها، فتكون سبباً لانقلاب السيارة من أعالي الرمال إلى أسافلها وقد حطمت الرمال السيارة ومن فيها مشتعلة بمن فيها في أحايين لا يكون فيها أحد يعلم عن السيارة ومكانها شيئاً.. وتسجل الأحاديث رويات كثيرة عن ضحايا "التطعيس" التي لا تنقطع وليس بآخرها قصة الشابين اللذين ما برحا يمارسان تلك الهواية باستمتاع منقطع النظير دفع الراكب الأيمن لتحفيز زميله باستعراض المزيد من مهاراته في القيادة البرية، حتى أخرج الراكب جزءاً من جسمه العلوي من النافذة منتشياً وفرحاً بالسباحة الرملية، ومستنشقاً ذلك الهواء العليل بعيداً عن ضوضاء المدينة، ولم يكن يعلم أنه النفس الأخير في حياته حيث انقلبت بهم السيارة من جهة باب الراكب؛ حتى ضرب سقف السيارة الحديدي رأسه وفارق الحياة مباشرة. في الآونة الأخيرة، لم تعد تقتصر تلك الهواية على فترة عمرية معينة، بل أصبحت تقام لها مهرجانات كبيرة تنظم بين أوساط الشباب في شتى مناطق المملكة، ومن هذا المنطلق يجب أن تبادر الجهات المسؤولة باستثمار تلك الهواية واحتواء طاقات أولئك الشباب، والأخذ بهواية "سباقات الرالي" التي تنظم على مستويات عالمية، مثالاً يحتذى بإقامة المسابقات التي تؤمن للشباب ملاذاً يؤمن لهم ممارسة طقوسهم مع وضح احترازات أمنية وطبية وغيرها. "الرياض" تواجدت في نفود ما يسمى ب"أم حزم" شرقي محافظة "المذنب" بمنطقة القصيم، حيث تشتهر تلك "الطعوس" برمالها الشاهقة الارتفاع، مما جعلها مقصداً ل"المطعسين" من شتى أنحاء المملكة، وتحديداً ممن يروجون لأنفسهم عبر المواقع الالكترونية من خلال تصوير خارجي وداخلي لسباقاتهم البرية وارتقائهم المرتفعات الرملية. وشهدت "أم حزم" تواجداً لافتاً من أصحاب السيارات "المعدلة" والتي أعدت خصيصاً للقيادة على الرمال حيث يغيرون أجزاء من محركاتها لتمنحهم "عزماً" و"قوة" يستطيعون من خلالها غلب كافة من يتحداهم في السير نحو "القمة". وطالب "مطعسون" خلال جولة "الرياض" بأن يكون هناك مسابقات ولجان تنظّم تواجد الزائرين، وتحد من العشوائية الكبيرة من خلال تنظيم مسارات السير، وأماكن التخييم، والجلوس، فضلاً عن تواجد فرقة للدفاع المدني مهيأة لدخول الرمال، تفادياً لاحتراق بعض السيارات لا سمح الله، إلى جانب تواجد سيارات إسعاف مهيأة ذات دفع رباعي تستطيع إنقاذ المصابين من أي موقع، منوهين بأهمية استغلال "أم حزم" سياحياً وتهيئة الخدمات للزائرين الذين يقصدون تلك المنطقة بتوفير الخدمات اللازمة. أرتال من السيارات تؤكد ضرورة احتواء واستثمار هذه الهواية التنفيس بالتطعيس ارتفاع نفود «أم حزم» الشاهق يجتذب المطعسين (عدسة: عبدالرحمن الزاحم، محمد العطاس) «أمواج الرمال» تعانق الجماهير