منذ ما يقارب الأربع سنوات التقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في الرياض المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي ، وقد أسهم اللقاء في رسم خارطة طريق واضحة المعالم لمسيرة تعاون ثنائي بين المملكة واليابان التي وجدت في الإسلام وما يدعو إليه قواسم مشتركة لبناء علاقات مع العالم الإسلامي وخصوصا المملكة مهد الإسلام ومهبط الرسالات. استمر التواصل السعودي - الياباني وتعمقت مفاهيم الحوار الثنائي في ظل نشاطات متواصلة وفعاليات متنوعة حرص سفير خادم الحرمين الشريفين في طوكيو الدكتور عبدالعزيز تركستاني على متابعتها بكل دقة ، وكان أيضا لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات في جامعة الإمام محمد بن سعود باعٌ طويل في استمرارية هذا التواصل؛ حيث شهدت العاصمة اليابانية أمس مؤتمرا دوليا نظمه المركز تحت عنوان (صناعة السلام بلغة الحوار) بالتعاون مع مركز الدراسات التوحيدية في جامعة (دوشيشا) اليابانية. هذا الملتقى الكبير الذي عقد في رحاب المعهد العربي الإسلامي كان التركيز فيه قائما على موضوعات تتناول دور المملكة واليابان في صناعة السلام ، وماذا نعني بهذا السلام ، وكيف نطبقه في حياتنا العملية . وقد استضاف المؤتمر خبرات سعودية يابانية متخصصة من بينهم معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل والدكتور (هاتو ياما يوكيؤو) رئيس الوزراء السابق والمستشار الأعلى للحزب الديمقراطي الياباني. وقد جاءت الحوارات على مستوى رفيع من العمق واستشراف المستقبل ومعرفة ما لدى كل طرف من طروحات ومفاهيم يرغب في إيصالهما للآخر. اليابان ، بطبيعتها بيئة قابلة لكل عمل مدروس وواضح المعالم ، والشعب الياباني لا يقبل الأمور على علاتها وإنما يحرص على جمع أكبر قدر من المعلومات عن كل ما يعرض عليه ثم يخطط ، وبعدها ينفذ ، وأخيرا تأتي المتابعة المستمرة لضمان إنجاح المشروع. المملكة استطاعت أن تصل إلى مرحلة متميزة في إيصال رسالة الإسلام السمحة إلى العديد من الشعوب ، ومن هذه الرسالة انبثق الحوار بين الحضارات ليقوم بدوره ، وفتح المجال واسعا للدفاع عن الأمة الإسلامية وشعوبها، وإيضاح سماحة الإسلام وسمو أهدافه. الذي نخشاه اليوم أكثر من أي وقت مضى هو الحملات المكثفة التي يخطط لها ويقوم بها أصحاب مذاهب ومعتقدات أخرى لا تتفق مع الإسلام ومنهجه الصحيح المرتكز على القرآن الكريم والسنّة المطهرة . هؤلاء يأتون إلى اليابان وغيرها من الدول في حملات منظمة ويطلعون على ما لدى الشعب من حضارات وثقافات ويؤسسون لصداقات مع أصحاب الرأي والقرار بعد أن يتعرفوا على مراكز التأثير في الرأي العام، وكيفية الوصول إليها. الاحتياجات المالية لا تشكل لديهم أي عائق وكثيراً ما يستخدمون المال كوسيلة إغراء وجذب وإقناع لتبني ما يحملونه من فكر، وتراهم يتواجدون في كل مكان وفي كل مناسبة ولو لم توجه لهم الدعوات. أمام هذا الوضع نجد لزاماً علينا تغيير الاستراتيجية التي نسير عليها في تنفيذ ما نخطط له في حوارنا مع الآخرين والتي يسير في الاتجاه المعاكس لها أناس لا نتمنى لهم النجاح . لابد أن نغير رؤيتنا المستقبلية لما نريد كي نحافظ على ما حققنا من نجاحات ، وكلما تأخرنا في اتخاذ القرار وتوفير الاعتمادات اللازمة لتنفيذه اتسعت الدائرة من حولنا وأصبحنا عاجزين عن الوقوف في وجه من يستهدف إجهاض جهودنا الدعوية، ومسيرتنا في سبيل حوار حضارات مثالي..