لا يعتبر رحيل رسام الكاريكاتير علي الخرجي كرحيل أي فنان آخر، ذلك لأنه رائد من الرواد الذين واكبوا بدايات فن الكاريكاتير في الصحافة السعودية، وكان نجماً في مجاله، يُعبّر بالريشة واللون عن خلجات هذا الوطن وهموم ناسه، فجاءت رسوماته الأولى التي نشرها في جريدة الرياض منذ العام 1960 م خير توثيق للحالة الشعورية التي يعيشها أبناء الوطن في تلك المرحلة التأسيسية المهمة. كان الخرجي سابقاً لزمانه وقرأ المجتمع بعمق وترجم يومياته بشجاعة لا سابق لها في مجال الكاريكاتير السعودي، ففي ذلك الحين كان المجتمع لا يزال متوجساً من الصورة ومما تحتويه خاصة صورة المرأة التي جاءت في رسوماته واضحة صريحة تعبر عن هموم الأنثى، ليعكس بذلك إدراكاً متقدماً لحقوق المرأة ساهم في توعية المجتمع تجاه قضاياها وأهمية حضورها في المشهد العام. الخرجي المولود عام 1934 م في عشيرة سدير أواسط نجد، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في العراق، وهناك أيضاً نشأت أولى اهتماماته بالرسم والنحت فالتحق بمدرسة لتعليم الرسم، ثم انتقل لمصر ليدرس الرسم بشكل أكاديمي في كلية الفنون الجميلة. وقد بدأ مسيرته مع الكاريكاتير في جريدة الرياض عام 1960 واستمر معها عشرين سنة حتى العام 1980 حقق خلالها نجومية في المجتمع السعودي برسوماته التي وثّقت يوميات الناس بشكل واقعي بسيط. وبعدها انتقل إلى جريدة الجزيرة ليواصل الرسم فيها حتى اعتزاله. وكان للراحل مؤلفات تعنى برسم الكاريكاتير من أهمها كتاب "رسوم كاريكاتيرية" الذي كان فريداً في المكتبة السعودية واحتوى على رسومات وضعها الخرجي خصيصاً للكتاب لتحكي الواقع الاجتماعي السياسي الاقتصادي للمجتمع السعودي. مسيرة حافلة من الإبداع والتألق أعلنت نهايتها يوم أول أمس بوفاة علي الخرجي الذي رحل عنا بعد أن اختصر برسوماته تاريخ وطن ومسيرة مجتمعٍ يسعى للنهوض عالياً. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.