وفقاً لبيانات جديدة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، يبلغ عدد الرؤوس النووية، الاستراتيجية والتكتيكية، في العالم حوالي 20530 رأساً نووياً. وتتوزع هذه الأسلحة على النحو التالي: روسيا (11000)، الولاياتالمتحدة (8500)، فرنسا (300)، الصين (240)، بريطانيا (225)، باكستان (حوالي 110)، الهند (حوالي 100) وإسرائيل(حوالي 80). في المجمل، هناك سببان رئيسيان لمعارضة القوى الكبرى للانتشار النووي: أولاً، لأن القنبلة الذرية هي السلاح الوحيد ذو القوة التدميرية الهائلة الذي يكلف الحصول عليه جهداً صناعياً محدوداً. وثانياً: إن الحاجز النفسي بين الأسلحة النووية والتقليدية يبقى ضخماً، رغم ازدياد القوة التدميرية للأسلحة التقليدية الحديثة ويُقدر أيضاً أن كوريا الشمالية قد أنتجت أخيراً رأساً نووياً واحداً على الأقل. وتمتلك الولاياتالمتحدة الأسلحة النووية منذ العام 1945، وروسيا منذ العام 1949 وبريطانيا (1952) وفرنسا (1960) والصين (1964) والهند (1974) وإسرائيل (1979) وباكستان (1998) وكوريا الشمالية (2006). وفي حوزة الولاياتالمتحدة قرابة أربعة آلاف رأس نووي استراتيجي، فيما تمتلك روسيا ثلاثة آلاف أو يزيد قليلاً. ولدى كل من الولاياتالمتحدةوروسيا 500 جهاز لاطلاق الصواريخ براً، وأكثر من 100 أداة حمل من القوة الاستراتيجية الجوية والبحرية. أما فرنسا وبريطانيا فتحافظان على آلية قوة استراتيجية ثنائية، أى بحراً وجواً أو بصورة مفردة. وهما دولتان نوويتان استراتيجيتان. ومن ناحيتها، تتخلف الصين عن فرنسا وبريطانيا على هذا الصعيد، لكنها تعتبر الدولة الثالثة في العالم التي تمتلك صواريخ باليستية عابرة للقارات، إضافة للولايات المتحدةوروسيا. وقد أجرت الصين اختبارها النووي الأول في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1964، واختبرت قنبلتها الهيدروجينية الأولى بعد ذلك بفترة قصيرة. وأجرى الصينيون 45 اختباراً للأسلحة النووية في 33 عاماً. وإذا كان امتلاك الصين للسلاح النووي قد رسم موقعها في اللوحة الاستراتيجية الدولية، فإن هذا الحدث كان السبب المباشر لتحرك الهند لامتلاك السلاح ذاته. وإذا كانت الهند قد أفادت عالياً من النزاع التاريخي الصيني - الروسي، وارتكزت إلى موسكو لتعزيز مواجهتها مع بكين، فإن باكستان قد أفادت في المقابل من النزاع الهندي - الصيني، واستندت إلى بكين لدعم موقفها تجاه نيودلهي. وتالياً جاء السلاح النووي الباكستاني كنتاج لهذه المعادلة المعقدة. على الصعيد النووي المركزي، ألغت الولاياتالمتحدةوروسيا، منذ نهاية الحرب الباردة، أكثر من 80% من ترساناتهما من الأسلحة النووية الاستراتيجية. وفي الثامن من نيسان/ أبريل 2010، وقع الرئيسان، الأميركي باراك أوباما، والروسي ديميتري ميدفيديف، في العاصمة التشيكية براغ، على معاهدة "ستارت - 2" لمواصلة تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية. والأسلحة الإستراتيجية المعنية في المعاهدة هي الأسلحة النووية في الغالب، إلا أنه لم يتم تسمية الأسلحة المطلوب خفضها بالأسلحة النووية، وذلك لشمولها على الصواريخ بعيدة المدى، حتى وهي خالية من الرؤوس النووية. وثبتت المعاهدة الحد الأقصى للأسلحة الاستراتيجية الهجومية، في كل من روسياوالولاياتالمتحدة، على النحو التالي: - 1550 شحنة نووية لكل دولة. - 700 صاروخ باليستي عابر للقارات ، أو منصوب في الغواصات الذرية والقاذفات الثقيلة. - 800 منصة، منشورة وغير منشورة، للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ومنصوبة في الغواصات الذرية والقاذفات الثقيلة. ولا تشمل أحكام اتفاقية ستارت الثانية، كما الأولى، الأسلحة النووية التكتيكية. وهذه لا تختلف غالباً عن النووية الاستراتيجية سوى من حيث وسائط النقل. وقد أشارت مراجعة الوضع النووي، التي أعلنتها واشنطن في نيسان/ أبريل 2010، إلى أن الخطر الأكبر، الذي يهدد أمن الولاياتالمتحدة والعالم، لم يعد متمثلاً في الهجمات النووية المتبادلة بين الدول، وإنما في الإرهاب النووي، والانتشار النووي إلى عدد متزايد من البلدان. وترى هذه المراجعة أيضاً أن الأمن القومي الأميركي، وأمن حلفاء الولاياتالمتحدة، يُمكن الدفاع عنه بقدرات أميركا العسكرية التقليدية، وبدفاعها الصاروخي. وتُعد مراجعة العام 2010، أول مراجعة للسياسة النووية الأميركية منذ العام 2001 والثالثة منذ نهاية الحرب الباردة. وتجرى مراجعة للسياسة النووية للولايات المتحدة في بداية كل ولاية رئاسية، وتخلف أثراً على الإنفاق الحكومي، والمعاهدات، ونشر الأسلحة وسحبها من الخدمة، خلال الأعوام الخمسة إلى العشرة التالية. ولأول مرة، أصبح منع الانتشار النووي والإرهاب النووي في رأس أولويات الأجندة النووية الأميركية. ويتخذ الإرهاب النووي ثلاثة أشكال هي: استخدام الذخائر النووية (وخاصة القنابل الصغيرة) لإصابة أهداف محددة. وتنفيذ الأعمال الإرهابية ضد المنشآت النووية (بما في ذلك مفاعلات الطاقة العاملة بالوقود النووي) واستخدام المواد المشعة، بما فيها المواد المنخفضة الإشعاع، بهدف القتل. ولا تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرج موضوع مكافحة الإرهاب النووي على جدول أعمال غالبية اجتماعات مجلس الأمناء، والمؤتمر العام. وقد أعدت الوكالة خطة تفصيلية للتدابير التي ينبغي اتخاذها في سبيل تأمين أعلى درجات الحماية من الهجمات الإرهابية، التي قد تستهدف منشآت الطاقة النووية. ويؤدي تفجير رأس نووي متوسط إلى تلوث إشعاعي طويل الأمد، لمساحة تبلغ عدة كيلومترات مربعة، بينما يسفر تدمير مفاعل للطاقة النووية، أو مستودع للوقود النووي المستهلك، عن تلويث عدة مئات من الكيلومترات المربعة. أما تدمير مفاعل لتخصيب اليورانيوم فيتسبب في تلويث إشعاعي لبقعة تبلغ مساحتها عدة آلاف من الكيلومترات. وفي خارج ما يٌعرف بالمنطقة النووية المركزية، برزت كل من باكستان والهند وكوريا الشمالية وإسرائيل، كقوى نووية غير رسمية. وبموجب معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) لعام 1968، فإن الدول النووية الرسمية (أو الشرعية)، هي تلك التي قامت بتصنيع القنبلة النووية، وإجراء التفجير النووي، قبل الأول من كانون الثاني/ يناير عام 1967. وبالنسبة لباكستان، على وجه التحديد، هناك خلاف بين المراجع الدولية حول حجم ترسانتها النووية، إذ تشير بعض التقديرات إلى أن هذه الترسانة قد تجاوزت على الأرجح، الترسانتين الهندية والبريطانية. وعلى الرغم من حالة عدم الاستقرار السياسي، لا تزال إسلام آباد تتوسع في قدراتها النووية، بل إنها تعد في واقع الأمر أسرع دول العالم نمواً على هذا الصعيد. وتعمل باكستان حالياً على بناء مفاعلين لإنتاج البلوتونيوم، ومنشأة جديدة لإعادة المعالجة، ستجعلها قادرة على صنع المزيد من الوقود للأسلحة النووية. كذلك، تتضمن عملية التعزيز الراهنة للبرنامج النووي الباكستاني تطوير منظومة صواريخ جديدة قادرة على حمل رؤوس نووية، هي: صاروخ باليستي متوسط المدى، وصاروخين باليستيين قصيريْ المدى، وصاروخي كروز. وقد أعلنت باكستان في مطلع كانون الأول/ ديسمبر من العام 2007 مذهبها العسكري الجديد، الذي يقوم - وفقاً للوثائق الرسمية - على "قدرات ردع مضمونة بالحد الأدنى". ويرمي "أولاً لحماية وحدة أراضيها، وثانياً لصيانة السلام في المنطقة (جنوب آسيا)". من ناحيتها، تملك الهند، إضافة لترسانتها النووية العسكرية، 17 مفاعلاً نووياً في طور الخدمة، بطاقة إجمالية قدرها 4120 ميغاوات، تلبي ثلاثة في المائة من استهلاك البلاد من الكهرباء. وتسعى نيودلهي إلى رفع إنتاجها من الطاقة النووية إلى عشرة آلاف ميغاوات بحلول العام 2012. على صعيد التقديرات الخاصة بكوريا الشمالية، تشير التقارير الدولية إلى أنها تمتلك بين 43 إلى 60 كيلوغراماً من البلوتونيوم. وهي كمية كافية لصنع أربع قنابل نووية كحد أدنى. وأجرت كوريا الشمالية، في الخامس والعشرين من أيار/ مايو 2009، تجربة نووية ثانية، رد عليها مجلس الأمن الدولي، في 12 حزيران/ يونيو من العام نفسه، بإصداره القرار الرقم (1874)، الذي فرض المزيد من العقوبات المالية على نظام بيونغ يانغ، وأقر حظراً على توريد الأسلحة إليها، وأجاز تفتيش السفن المتجهة من وإلى المياه الكورية الشمالية. وردت بيونغ يانغ على القرار بالإعلان في اليوم التالي نيتها تحويل كافة البلوتونيوم المتوفر لديها إلى مادة صالحة للاستخدام العسكري. وكذلك الشروع في تخصيب اليورانيوم. وفي الثامن والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2009، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن كوريا الشمالية باتت تنتج غازاً ضرورياً لتخصيب اليورانيوم، ما يعني أنها ومنذ مطلع التسعينيات لا تعتمد على البلوتونيوم فقط في إنتاج السلاح النووي. على صعيد معضلة الانتشار النووي بوجه عام، اتخذ مؤتمر المراجعة في العام 1995 قراراً بتمديد معاهدة حظر الانتشار النووي إلى ما لا نهاية. وذلك بعد أن جرى تقوية عمليات المراجعة، وتبني عدد من المبادئ، التي صيغت بهدف "التحرك بعزم، نحو التحقيق الكامل والتطبيق الفعال" لأحكام المعاهدة. وقد كان من بين هذه المبادئ الدعوة لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، معترف بها دولياً، و"على وجه الخصوص في مناطق التوتر كالشرق الأوسط". وهناك إجماع على أن معاهدة حظر الانتشار النووي تعتبر أحد أكثر الصكوك الدولية احتراماً والتزاماً من قبل الدول المختلفة، وهي تلعب دور الضمانة للأمن الجماعي العالمي. بيد أن المعاهدة قد عجزت، على الرغم من ذلك، عن منع كوريا الشمالية، كما تايوان وجمهورية جنوب إفريقيا قبل ذلك، من السعي في يوم ما لامتلاك سلاح نووي، كما أنها لم تتمكن من وقف الاستخدام العسكري للطاقة النووية في كل من إسرائيل وباكستان والهند. وحيث بنت هذه الدول ترسانتها النووية استناداً إلى قدرات ذاتية بالدرجة الأولى، ودون الانضمام في الأصل إلى معاهدة حظر الانتشار. كذلك، فإن المعاهدة تتضمن بنوداً تسمح لغير الدول النووية الخمس بتنفيذ برامج نووية سلمية، ومن ثم سحب عضويتها، بعد بلوغها مستوى التطوّر الذي يُمكنها المباشرة بتصنيع السلاح النووي. ووفقاً لإحصاءات دولية نشرت في العام 2008، توجد في العالم 443 محطة نووية لتوليد الطاقة، موزعة على 31 دولة، يستفيد منها أكثر من مليار شخص. وتبلغ حصتها من الطاقة الكهربائية المستهلكة عالمياً نحو 17 في المائة. وفي الكثير من الدول، يُمكن الاستناد إلى هذه المحطات لتطوير قدرات عسكرية نووية، أو لتعزيز القدرات القائمة والمعلنة بالفعل. في السياق ذاته، يقدر مخزون اليورانيوم العالمي، الذي يمكن اكتشافه، بحوالي 35 مليون طن. ويُقدر الخام المستكشف حتى الآن بنحو ستة ملايين طن. وتشير توقعات الاتحاد النووي العالمي إلى أن الطلب على اليورانيوم سيزداد بنسبة 30% بحلول العام 2020 . ومن بين دول العالم العديدة، تمتلك ثلاث دول احتياطيات كبيرة من اليورانيوم الخام، هي كندا وأستراليا وكازاخستان، حيث تبلغ حصتها مجتمعة 70% من احتياطيات العالم المؤكدة. كما تستحوذ على60% من الإنتاج العالمي. وبالعودة إلى قضية الانتشار النووي، فقد تم في أيار/ مايو 1997 إقرار البروتوكول الإضافي النموذجي، من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأصبح بمقدور الوكالة القيام، من خلال هذا البروتوكول، بعمليات تفتيش أكثر فعالية، من أجل ضمان عدم تحويل المواد والمرافق النووية عن أغراضها السلمية. وفي المجمل، هناك سببان رئيسيان لمعارضة القوى الكبرى للانتشار النووي: أولاً، لأن القنبلة الذرية هي السلاح الوحيد ذو القوة التدميرية الهائلة الذي يكلف الحصول عليه جهداً صناعياً محدوداً. وثانياً: إن الحاجز النفسي بين الأسلحة النووية والتقليدية يبقى ضخماً، رغم ازدياد القوة التدميرية للأسلحة التقليدية الحديثة. ولهذا تخشى القوى الكبرى من أن امتلاك دول في العالم الثالث للأسلحة النووية من شأنه زيادة احتمال تصاعد العداءات إلى مستوى مرتفع جداً، ما يزيد بدوره كثيراً من خطر تورطها في أحداث مجهولة العواقب. إن الحد من التسلّح النووي هو مسؤولية دولية عامة، يجب على الدول المختلفة الالتزام بها. وعلى الأسرة الدولية بلورة المزيد من المقاربات الرامية إلى الوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية..