أوفياء هؤلاء الذين يهدون كتبهم إلى الوالدين، وهم كثيرون. وجميلون أولئك الذين يهدون مؤلفاتهم إلى الزوجة والأبناء، حساسون ومقدرون لأن الوقت الذي يأخذه تأليف كتاب جيد، وقت مستقطع من حظ الزوجة وحق الأولاد. الذي يعنينا الآن هو أسلوب الاهداء، فإن كان متميزاً نابضاً بالحرارة والحياة أضاف جمالاً على جمال الكتاب، وكان فاتح شهية لقراءته، فإذا كان (مفتاح الفم لقمة فإن مفتاح القراءة كلمة). من الاهداءات المتميزة المبهجة اهداء الشاعر (أنور سليمان) مجموعته الشعرية الرابعة (أبحث في عينيك عن وطن) التي قالها وهو في الستين، وداعبه الشاعر (غسان مطر) بسؤال: - من أين لك تلك المراهقة في عمر الستين؟ وابتسم سليمان لأن السؤال صدى الاهداء، وجوابه في أول صفحة. «إذا سألوك في يومٍ لمن يهدي قصائده وفي أي العيون نجومه تسهر ومن تلك التي هتفت لها كلماته الخضراء في الدفتر.. فقولي دنما وجل: أنا وحدي قصيدته رفيقته حبيبته. ووحدي من بها احتفلت حدائق وردة الأحمر وإن قالوا مضى بالأمس ولم يعد.. فإني بعد ذاك العاشق الموصول بالأبد.. وإني بعد من عدّ النجوم بمرفأي عينيك.. لم أتعب.. ولم أضجر وما زال الهوى طفلاً على أعوامي الستين.. يستلقي ولم يكبر.. ومن عامٍ إلى عامٍ يحبك مرة أكثر». وأهدي طه حسين كتابه (الأيام) لزوجته الفرنسية معتبرها عينيه في هذه الحياة! وأهدي المرحوم الدكتور غازي القصيبي كتابه (في رأيي المتواضع إلى صديق له وقال (إلى صديقي.. الذي لم يعرف له رأي متواضع واحد)! أما الشاعر أحمد الصافي النجفي فقدم ديوانه لمحبوبته: «هيهات تفلت من يدي أبداً ديوان شعري ضمها ضمها ضما»