لم يجد الشاعر في غربته - بعد تلقي خبر وفاة سلطان الجود والابتسام وصفيهما بين الأنام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - إلا أن يبتلع شهيق الحسرات ليطلق زفير الأبيات، فالفقد ليس فقداً عادياً، ولكن الشعر الذي طالما نظمته في سلطانه غردا مبتهجاً يأتي اليوم حزيناً مكتئباً، فاللهم اغفر لأبي خالد وأسكنه أعلى منازل الفردوس مع النبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا. نفنى ويبقى الإله الواحدُ الأحدُ نسعى على الأرض نمشي في مناكبها كأنما نحن نمضي لا إلى أجلٍ تبارك الله لولا الموت ما فُجعت تبارك الله لولا الموت ما ذرفت أقول منكسراً حزناً ومرتجعاً أيتمت براً وأفضالاً وأروقةً أنخت ركب مطي الخير مرتجلاً كم كنت كالغيث تهمي كلما قنطوا وكنت فيهم يداً عُليا إذا قُبضت فأيُ جودٍ توارى في الثرى جسداً وأيُ فضلٍ طوته الأرض ملتحفاً ملأت فيها نواحي الخير كيف لها تحنو عليك كما قد كنت مشتعلاً والآن عدت إليها لا لتشعلها تبكيك خيريةٌ فيها ومُضطجِعٌ تبكيك أمٌ لأيتامٍ بلا سندٍ يبكيك طفلٌ معاقٌ في تلهفه يبكيك شعبٌ وفيٌ .. أمة فجعت تبكيك قافيةٌ ناحت وحق لها يبكيك سلمان نجدٍ في سريرته يبكيك نائفُ لو أبصرت لوعته يبكيك خادم بيت الله أحزنه من مبلغٍ قبر أندى الناس كلهمُ فاللحدُ تملؤهُ كف الندى فرحاً في ذمة الله إن غادرتنا أمداً سبحانه ماله نِدٌّ ولا ولدُ كأنما نحن من سادوا ومن خلدوا وليس يدفعنا نحو الرحيل غدُ نفسٌ ولا أجزع المحزون ما يجِدُ عينٌ ولا كظمت أو مسها رمدُ في ذمة الله يامن ضمه اللحدُ فأصبح الجود لا بيت ولا عمدُ فارقد هناك مع الأخيار إذ رقدوا وكنت كالعين تسقي كلما وردوا أيدٍ مددت فكان الرفدُ والمددُ وأيُ سيفٍ من الأسياف هم غمدوا ترابها .. أيُ سلطانٍ لها يفدُ ..!؟ ألا تضم جواداً عاد يتئدُ ..! تحنو عليها وتشقى حين تبتعدُ وإنما بتراب الأرض تتحدُ على سريرٍ ويبكي آخرٌ تئدُ غاب البذول فلا عونٌ ولا سندُ وعدٌ لأحلامه ما زال يتقدُ بفقد أكرم من جادوا ومن رفدوا يبكيك من كان فيك الصادحُ الغردُ وخالدُ والأُلى في دفنك احتشدوا والنعشُ فوق كتوف الآل يستندُ فقدُ العضيد فسال الصابرُ الجلدُ أن الندى في زوايا اللحد يبتردُ والتربُ مما حوى في لحده ثَئِدُ فسوف يبقيك حياً بيننا أمدُ