عندما يصرح وزير الصحة قبل أيام عن خلو "مكة" أثناء فترة الحج من أية أمراض مزمنة وعن سلامة الحجاج من أية إصابات وعوارض طارئة، أو حتى بمعالجتها، فهذا أمر مقبول ومنطقي لأن دور الوزارة الرئيسي أثناء فترة الحج هو في تأمين الحالة الصحية للحجاج ومواجهة أي طارىء، ومنها التأكد من خلو القادمين لأداء فريضة الحج من أية أمراض وبائية قد تضر بالمملكة ومن يعيش فيها، ولكن عندما يصرح معالي الوزير بإجراء 290 حالة قسطرة بالقلب وعن إجراء "20 عملية قلب مفتوح" وبأن خدمات الوزارة تشمل "الغسيل الكلوي" و "المناظير المتقدمة" يجعلنا نتساءل عن قيمة تلك الخدمات وأهميتها؟ ومنها إعادة النظر عن ماهية الدور الذي تقوم به الوزارة في فترة الحج وفي الأنظمة التي تسمح للقادمين بأداء الفريضة دون التأكد من حالتهم الصحية إن كانت تسمح لهم بأداء مناسكهم أم لا...؟ لا نختلف بأن الاهتمام بأمور الحجيج أياً كانت وخدمتهم هي عادة وواجب دأبت عليه قيادة هذا البلد بما فيها كل القطاعات المعنية بالمملكة وحتى مواطنوها، ولكن يجب أن تكون الخدمات المقدمة منطقية ولها ما يبررها ووفق سياسات معينة بحيث لا تترك مفتوحة حتى لا يتم استغلالها بشكل خاطىء وتحت مظلة الحج... إجراء عمليات القلب المفتوح والغسيل الكلوي والمناظير في عرف الخدمات الطبية هي شيء غير عادي ومكلف من جميع النواحي ولا تعتبر حالات طارئة، ما صرح به معالي الوزير هو جزء بسيط من حالات أخرى لا نعلمها ربما تكون بنفس المستوى أو أقل بقليل، ولم يتبقَّ سوى عمليات التجميل! إذاً لماذا لا تكون المسألة هنا أكثر تنظيماً؟ وهذا لا يعني أن لا نتعامل مع الحالات الحرجة حسب احتياجها طالما أنها حرجة وبحاجة لتدخل سريع وتندرج تحت نطاق الخدمات الواجبة والمقدمة لحجاج بيت الله الحرام... على سبيل المثال، كان بالإمكان معالجة تلك الأمور بإضافة شرط الحصول على تقرير طبي قبل الدخول للمملكة، طالما أن أداء فريضة الحج تتطلب القدرة والملاءمة الصحية على أدائها؟ فضلاً أن هنالك أشخاصا آخرين قادرين وحرموا من ذلك بسبب من تمكن من الحصول على الفرصة وهو غير ملائم صحياً؟ للمملكة كامل الحق- في نظري- أن ترفض دخول من هم غير لائقين صحياً لأسباب عدة منها وأهمها الحفاظ على حياتهم لأن من لديهم عائق صحي يفترض أن تسقط عنهم الفريضة أو تؤجل لحين ذهاب العائق، وبالتالي السماح لهم بالدخول سيكون سبباً لتعريض حياتهم للخطر... في المقابل يجب أن تعي الوزارة بأن هنالك العديد من المواطنين من يبحث عن اهتمام مماثل في موسم الحج أوغيره طيلة أيام السنة، وهنالك ايضاً من يفعل المستحيل للبحث عن واسطة لإجراء عملية طارئة أو لإيجاد سرير في أي مستشفى من أجل الحصول على خدمات طبية متكاملة في وضع حرج، والبعض الآخر مات بسبب الأخطاء الطبية دون إنصاف...!