أدى جموع من حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر بمسجد نمرة بعرفات جمعا وقصرا وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، فيما أم المصلين سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بعد أن ألقى خطبة عرفة - قبل الصلاة - التي استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر. ودعا سماحته في خطبته المسلمين إلى تقوى الله عز وجل حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى. وبين سماحته: أن الله عز وجل شرع دين الإسلام ليكون منهج حياة للبشرية يسير وفق أحكامه وتعليماته وأبرز ما أوضحه الإسلام للمجتمع من فؤاد العلاقة الاجتماعية وحثهم على أن يحفظ كل منهم كرامة أخيه ويبتعد عن إهانته والسعي لمساعدته، ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. وقال سماحة مفتى عام المملكة: من كان بحاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة في الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.. وأكد سماحة المفتي أن من خصائص الشريعة الإسلامية الإلتحام بين الراعي والرعية، وقال: الراعي يسعى لتفقد رعيته وحل مشاكلهم، والرعية بمحبة راعيهم والدعاء له، وهكذا يريد الإسلام من المجتمع المسلم ومن خصائص هذا الدين أنه لا يفرق بين الجنسين. وأشار سماحته إلى ما يمر به العالم الإسلامي اليوم من مراحل هي أخطر ما يكون في حياته، حيث يواجه ظروفاً وتحديات صعبة ويعاني من انقسام بين أبنائه ونزاع بينهم وهجوم شرس من أعدائه وتدخل سافر في شؤونه. وأشار أن الإسلام يرفض التخريب والإرهاب والغلو والإخلال بالأمن وسفك الدماء ويغرس الانتماء. ودعا سماحته المسلمين جميعا أن يتقوا الله في أنفسهم ويسعوا في حل مشكلاتهم من غير تدخل من أعدائهم، وحذرهم من ميل الطائفية. وقال: أيها المسلمون، على قاده الشعوب الإسلامية أن يعملوا على إقامة العدل ومحاربة الفساد، وجعل أولوياته مصالح الشعوب، وعلى الرعية أن يلتفوا حول قادتهم ويسعوا إلى حل المشكلات بالطرق السلمية بعيداً عن الفوضى وسفك الدماء. وأضاف « أن من واقع هذا البلد الطيب المبارك ما نرى من اهتمام ولاة أمره بالشعب في سبيل راحتهم وسلامتهم ، وتجنيبها الفتن، وقال: دليل ذلك ما نشاهده من التحام الرعية مع رعيتهم والعلاقة الأخوية بين الراعي والرعية، وأثر ذلك من أمن واستقرار البلاد، لنعلم أن هذا هو نموذج الحق، ويجب أن تتجه إليه الدول التي تعاني من الفوضى. وتحدث سماحة المفتي عن دور وسائل الإعلام المعادي لأمه الإسلام الذي يرمي إلى إضعاف العقيدة والإيمان في قلوب الناشئة وإضعاف شخصياتهم. وطالب سماحته المسلمين أن يقابلوا الغزو الإعلامي الشرس على الأمة الإسلامية بعمل منظم يتمثل في أحد جوانبه بإنشاء قنوات إسلامية تشرف عليها طواقم إعلامية تجمع بين التأصيل الشرعي والخبرة الإعلامية، لتكون منارة عدل وصوت حق إلى العالم أجمع وبين سماحته أن من معاني السلفية الصالحة اعتماد الصحابة للنصوص الصحيحة. وقال: من معاني السلفية أيضاً أن الإسلام منظومة متكاملة فالسلفية حركة متجددة، فمن زعم أن السلفية جامدة لا تصلح للحياة؟! وخير دليل على ذلك الملك عبدالعزيز - غفر الله له - لما أقام الدولة الإسلامية الجديدة على كتاب الله وسنة رسولة صلى الله عليه وسلم امتدادا للدعوة الإسلامية الصالحة. التي قام بها الإمامان محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود - رحمهما الله. -، أقاما هذه الدولة وأرسيا قواعدها وفق الكتاب والسنة وعلى مبادئ ناصعة وعلى نهج سلفي صالح، الأمن يعمها والاستقرار والطمأنينة مع الأخذ بمستجدات العصر وتطوراتة في كل المجالات حتى أصبحت الدولة دولة يشار لها بالبنان مع تقدمها والرقي مع التحرر والتمسك بهذه العقيدة السلفية الصالحة . أيها المسلمون: إن هناك دعوات تجري في بعض الدول الإسلامية تنادي بالحرية والعدالة والمساواة بدعوى تحت مظلة ديمقراطية، نقول لهؤلاء إن الإسلام سبق تلك المبادئ كلها من أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن. وأكد سماحته أن الإسلام ساوى بين البشر وبين الذكر والأنثى في الكرامة الإنسانية والحياة الكريمة والتكاليف الشرعية والعقوبات الأخروية، إلا أن هناك لكل من الرجل والمرأة خصوصية في بعض الأحكام مع مراعاة الظاهر الخلقي والاجتماعي والنفسي. وقال: أيها القادة اتقوا الله في شعوبكم وعالجوا قضاياهم الاجتماعية من الفقر والجهل والبطالة والحرمان، إياكم وإضعافهم، وإياكم أن ترعبوهم أو توجهوا الأسلحة التي اتخذتموها لعدوكم في وجوههم، وإياكم أن تصرخوا في وجوههم عن طريق التقتيل والحرمان والتجويع لأجل إسكات كلمتهم، فهذا أمر باطل لا يقره مسلم، أمر باطل لا يقبله الله جل وعلا. وحذر سماحته ملاك القنوات الفضائية من تسخيرها لتشتيت الأمة والدعوة إلى الفوضى وسفك الدماء وتدمير الممتلكات. وقال:» إن هناك من بين الأمة من يريدون إفسادها، يريدون إفساد الحج والشغب والبلاء فكونوا عينا ساهرة ويدا واحدة وكونوا سدا منيعا أمام المفسدين «. وأكد أن الحج لم يأت للمهاترات والمساومات والشعارات الجاهلية والشخصية إنما جاء لعبادة الله جل وعلى والتقرب إليه وجمع الكلمة وتوحيد الصف ووعي الأمة المسلمة، وقال:» احذروا مكائد الأعداء، لم يأت في سنة الحج أن يكون منبرا سياسيا منبرا للمهاترات فكل هذا مما يمقته الإسلام فاتقوا الله في أنفسكم «. وأضاف:» أشكروا الله على هذه النعمة وادعو لولاة هذا البلد بالتوفيق والسداد، فكم بذلوا من إحسان وبذلوا من جهود وأمنوا السبل وبذلوا كل الخدمات في سبيل راحة حجاج بيت الله الحرام. وفي ختام خطبته دعا الله سبحانه وتعالى ان يرحم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ويغفر له ويجازيه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وأن يوفق صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا لما يحبه ويرضاه وأن يعينه وينصره ويوفقه للصواب. وعبر عن الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، وأن يوفقه ويعينه.